مضت أسابيعُ والهتّاف محتجبٌ – زكي مبارك
مضت أسابيعُ والهتّاف محتجبٌ … فما يبلّغني أصوات أحبابي
يجلجل الوجد في صدري فأكتمه … أين المذيع لأشواقي وأطرابي
ألاشتراك انتهى يا بئس ما زعمت … رسالة جدّدت في الصبح أوصابي
لو كنت قبل وزيراً لاتقى غضبي … من لا يبالي إذا ما رام إغضابي
لكنني في بني قومي أخو أدب … وذو بيان إلى الإبداع وثّاب
لذا أضام فما صبري على زمن … يكون ذنبي فيه نور آدابي
دار التليفون فيها فتية وصفوا … يوما بأنهمو من خير أصحابي
فكيف جاز لديهم أن يطوف بهم … طيف من الشك في مالي وإخصابي
أنا الغنِيُّ بفضل اللَه فاعترفوا … بأنني من زماني غير هيّاب
من أجل حبك يا روحا فتنت به … فكان وجهك ف نجواي محرابي
من أجل وجهك أرضى أن يكلفّني … هذا التليفون بعد العتب إعتابي
هذا هو الليل والهتّاف منطلق … كالدهر يقذفُ أرباباً بأرباب
فاسمع ندائي وأقبل كي أراك معي … رؤياي للراح في منضور أكوابي
سلك التليفون في شرع الهوى عجب … أليس فيه إلى الأحباب إسرائي
إن ظنّ أو رنّ ساقتني هواتفه … إلى فنون من الآمال زهراء
أقول هذا الجمال العذب ينشدني … ليسمع العذب من لحنى وإيحائي
الوحي وحيك ما شعري وما خبر … أرويه عن موحيات الحب دعجاء
دعني أحدثك فالهتّاف ينقلني … إليك إن شئت في صبحي وإمسائي
نروى حديث الهوى الفتّاك في ملح … كأنها الوحي في علياء سيناء
الهمس منك هديرٌ إنه قدر … يزيزل الكون في رمز وإيماء
والوعد منك نعيم إن موقعه … مصر الجديدة في يوم الثلاثاء
تخافُ ما موجبات الخوف لا فزعٌ … فدولة الحب قامت فوق أرصاد
إني سممتك من يوم إلى سنة … بشائكٍ لدماء القلب فصّاد
لا خوف لا خوف إن الفضح غايته … أن تغتدى في الهوى من بعض أجنادي
إني سممتك فانظر كيف تهجرني … وكيف تخلف يوم الوصل ميعادي
ما شارعٌ من كلوبترا به أثر … ومنزلٌ أنت فيه الآنس الغاني
يرعى مهادك فيه ساهرٌ يقظ … يخشى عليك صباباتي وأشجاني
ليقض ما شاء في أمرى فسوف يرى … أني لروضح نعم القاطف الجاني
ما الحب ما سحره يا نائماً سهرت … عليه في غفوات الليل أجفاني
يروعك الصمت من شعري فتسألني … عن سر صمتي سؤال العاطف الحاني
أجب إذا شئت عني إنني غرِدٌ … لا يحسن الشدو إلا فوق أفنان