محاولة في الفرات – أديب كمال الدين

إلى: عبد السلام كمال الدين

(1)

لم نخرجْ من البيت

كانت السماءُ ملبّدةً. بماذا؟

ملبّدة بالمجاهيل.

كانت يدي تشيرُ إلى قلبي المليء بالندوب

كانت يدي تحملُ قلبي

وتبعد عنه الترابَ والذباب

لم نخرجْ من البيت

كانت السماءُ ملبّدةً باليتم

ملبّدة بحلمِ المدنِ القصية

يا نهر الفرات:

لِمَ لا تخرج من دهليزكَ الضيق

وتغسل حرفي الأسود؟

لِمَ لا تخرج من فراشكَ الطفوليّ

وتغسل ضياعي؟

أنتَ طفل

وأنا طفل

ونحن نركض في الأرض دون هدى

هل نذهبُ الليلة إلى السينما؟

هل نشاهدُ (أم الهند)؟

برجو: أخي برجو

يداك مقطوعتان

يداكَ يدي

برجو: هل تلمّستَ نهرَ الفرات؟

هل سمعتَ بنهرٍ يموت فيه الناسُ ليلاً

ويقومون في الفجرِ صرعى؟

كانت النون معي

أبي نقطة وأمي هلال

والهلال أبي

والنقطة كبدي

تُمَلّحُ وقت المساء وتُشوى

كيف نخرج؟

أثقلوا جيبنا بالوصايا

أثقلوا جيبنا بالحصى والخطايا

كيف نخرج؟

كيف يشعرُ أعمى بشمسٍ تدهمه في الطريق

برجو: كيف نخرج والطريق إلى النهر

مثل عبد يسخر من مخاوفنا

فينبح علينا بأسنان بيض؟

كيف نخرجُ والطريقُ إلى النهر

زلزاله كالحجر

وأحداقه من رغيفٍ مدمّى؟

(2)

قلتُ شيئاً

وناديتُ شيئاً

وبرجو يحدّق في الفلم

صامتاً كالحجر

كفّاه مقطوعتان

والطين أفعى

قلتُ شيئاً

وناديتُ شيئاً

وكان الفرات معي

راكضاً في الدهاليز أعمى.