محاولة في الانتظار – أديب كمال الدين

(1)

مَن ينتظرُ مَن؟

الشمسُ تنتظرُ الشارع

أم الشارع ينتظر الناس: مغفّلين وشحّاذين؟

الحقولُ تنتظرُ النحل

أم النحل ينتظرُ الأزهار؟

الخوفُ ينتظرُ الموت

أم الموت ينتظرُ الظلام؟

مَن ينتظر مَن؟

الخيبةُ تنتظرُ المفاجأة

أم المفاجأة تنتظرُ اللاجدوى؟

العبثُ ينتظر الأكاذيب

أم النساءُ ينتظرن الثرثرة؟

مَن ينتظر مَن؟

الجسرُ ينتظر الفرات

أم الفرات ينتظرُ الجسرَ الأحدب؟

الشاعرُ ينتظرُ الحروف

أم الحروف تنتظرُ النقاط؟

مَن ينتظر مَن؟

القاتلُ ينتظرُ الضحية

أم الضحية تنتظرُ السكّين؟

الزمنُ ينتظرُ الناسَ ليفتك بهم

أم الناس ينتظرون الزمن ليشحذوا ويهرموا؟

مَن ينتظر مَن؟

الساحرُ ينتظر الجنّ

أم الجنّ يطرقون عليه الباب

بعد أن ملّوا الانتظار.

(2)

يا لهذا الانتظار

بكت الشمسُ فاتهمتُ الشارع

بكت الحقولُ فاتهمتُ النحل

بكى الخوفُ فاتهمتُ الموت

بكت الخيبةُ فاتهمتُ المفاجأة

بكت النساءُ فاتهمتُ الثرثرة

بكى الجسرُ فاتهمتُ الفرات

بكى الشاعرُ فاتهمتُ الحروف.

يا لهذا الانتظار

يا لهذا العذاب

بكى القاتلُ فاتهمتُ الضحية

بكى الزمنُ فاتهمتُ الناس

وبكى الساحرُ فاتهمتُ الجنّ.

(3)

يا لهذا الانتظار

قيل انّ الجنّ معي

كانوا ينتظرون

ولو علموا ما استكانوا لهذا العذاب العجيب

ولو علموا لطاروا وطاروا وطاروا

ولو..

أيها الجنّ

اذكروني اذكروني

إنني معكم في قمقم الانتظار

إنني معكم في قمقمٍ من حديد.