محاولة في أنا النقطة – أديب كمال الدين

أنا النقطة

أنا بريقُ سيفِ الأصلع البطين

أنا خرافةُ الثوراتِ وثورات الخرافة

أنا معنى اللامعنى وجدوى اللاجدوى

أنا دم أخذته السماء ولم تعطه الأرض

أنا بقية مَن لا بقية له

أنا الفرات قتيلاً ودجلة مدججة بالإثم

أنا ألف جريح

ونون فتحتْ لبّها لمن هبّ ودبّ.

أنا النقطة

أنا خرافة العصر وسرّته

بحثتُ عن اسمي لم أجده مع الهراطقة

ولا مع الزنادقة ولا العبادلة

ولا مع الرهبان ولا الكرادلة

ولا مع المهزومين ولا المنتصرين

ولا مع المتمترسين ولا المهاجرين

ولا مع الطبالين ولا اللصوص.

أنا النقطة

فيّ احتوى العالمُ الأكبر

والألمُ الأفدح

فيّ اختفتْ ابتسامةُ الطفل وحفيفُ الشجرة

فيّ اختفتْ موجةُ البحر وندى الربيع

فيّ تجمهر الماضي

وخرج باتجاه المستقبل في مظاهرةٍ حاشدة.

أنا النقطة

عرفتُ الحقيقةَ وعجنتها بيدي

قبل أن يصل الإنسان إلى الكلمة

وقبل أن يصل إلى القمر

وقبل أن يبتكر المقابر الجماعية

بل انني عرفتُ الحقيقةَ عارية

عري هابيل وقابيل

فأعطيتها ملابسي المثقوبة

ورعبي الذي اتسع فشمل آسيا الطغاة

وأفريقيا المجاعة

وأمريكا الأعاجيب.

أنا النقطة

أنا مَن يهجوكم جميعاً

أيتها الحروف الميتة

سأهجو نفاقكم وسخفكم

سأهجو أكاذيبكم وترّهاتكم

وكفاحكم من أجل الأفخاذ والسياط وكؤوس العرق.

آ…

ما أشدّ حزني

ما أعمق دمعتي التي وسعتْ آلامَ البشر

ما أفدح خطيئتي: خطيئة المعرفة

ما أعظم زلزالي وخرابي الكبير

أنا النقطة.