ما للمروج الخضر والحدائق – المتنبي

ما للمُرُوجِ الخُضْرِ والحَدائِقِ … يَشكُو خَلاها كَثرَةَ العَوائِقِ

أقامَ فيها الثّلجُ كالمُرافِقِ … يَعقِدُ فَوْقَ السّنّ ريقَ الباصِقِ

ثمّ مَضَى لا عادَ مِنْ مُفارِقِ … بقائِدٍ مِنْ ذَوْبِهِ وسائِقِ

كأنّما الطّخرُورُ باغي آبِقِ … يأكُلُ من نَبْتٍ قَصيرٍ لاصِقِ

كَقَشْرِكَ الحِبرَ عَنِ المَهارِقِ … أرودُهُ مِنْهُ بكَالشُّوذانِقِ

بمُطْلَقِ اليُمْنى طَويلِ الفائِقِ … عَبْلِ الشَّوَى مُقارِبِ المَرَافِقِ

رَحْبِ اللَّبانِ نَائِهِ الطّرائِقِ … ذي مَنخِرٍ رَحْبٍ وإطلٍ لاحِقِ

مُحَجَّلٍ نَهْدٍ كُمَيْتٍ زاهِقِ … شادِخَةٍ غُرّتُهُ كالشّارِقِ

كأنّها مِنْ لَوْنِهِ في بارِقِ … باقٍ على البَوْغاءِ والشّقائِقِ

والأبْرَدَينِ والهَجِيرِ المَاحِقِ … للفارِسِ الرّاكِضِ منهُ الواثِقِ

خَوْفُ الجَبَانِ في فُؤادِ العاشِقِ … كأنّهُ في رَيْدِ طَوْدٍ شاهِقِ

يَشأى إلى المِسمَعِ صَوْتَ النّاطقِ … لوْ سابَقَ الشّمسَ من المَشارِقِ

جاءَ إلى الغَرْبِ مَجيءَ السّابِقِ … يَتْرُكُ في حِجارَةِ الأبارِقِ

آثَارَ قَلْعِ الحَلْيِ في المَناطِقِ … مَشْياً وإنْ يَعْدُ فكالخَنادِقِ

لَوْ أُورِدَتْ غِبَّ سَحابٍ صادِقِ … لأحْسَبَتْ خَوامِسَ الأيانِقِ

إذا اللّجامُ جاءَهُ لطارِقِ … شَحَا لَهُ شَحْوَ الغُرابِ النّاعِقِ

كأنّما الجِلْدُ لعُرْيِ النّاهِقِ … مُنْحَدِرٌ عَنْ سِيَتيْ جُلاهِقِ

بَزّ المَذاكي وهْوَ في العَقائِقِ … وزادَ في السّاقِ على النَّقانِقِ

وزادَ في الوَقْعِ على الصّواعِقِ … وزادَ في الأُذْنِ على الخَرانِقِ

وزادَ في الحِذْرِ على العَقاعِقِ … يُمَيّزُ الهَزْلَ مِنَ الحَقائِقِ

وَيُنْذِرُ الرَّكْبَ بِكُلِّ سَارِقِ … يُرِيكَ خُرْقاً وَهْوَ عَيْنُ الحاذِقِ

يَحُكّ أنّى شَاءَ حَكَّ الباشِقِ … قُوبِلَ مِنْ آفِقَةٍ وآفِقِ

بَينَ عِتاقِ الخَيْلِ والعَتائِقِ … فعُنْقُهُ يُرْبي على البَواسِقِ

وحَلْقُهُ يُمْكِنُ فِتْرَ الخانِقِ … أُعِدُّهُ للطّعنِ في الفَيالِقِ

والضّرْبِ في الأوْجُهِ والمَفارِقِ … والسّيرِ في ظِلّ اللّواءِ الخَافِقِ

يحمِلُني والنّصْلُ ذو السّفاسِقِ … يَقطُرُ في كُمّي إلى البَنائِقِ

لا ألحَظُ الدّنْيا بعَيْنيْ وامِقِ … ولا أُبالي قِلّةَ المُوافِقِ

أيْ كَبْتَ كُلّ حاسِدٍ مُنافِقِ … أنْتَ لَنا وكُلُّنا للخالِقِ