ما زرتَ إلاّ خداعاً أيها الساري – الشريف المرتضى
ما زرتَ إلاّ خداعاً أيها الساري … ثمّ انقضيتَ وما قضيتُ أوطاري
أنَّى يزورُ على الظَّماءِ مِنْ شَحِطٍ … مَن كان صُبْحاً وقُرباً غيرَ زَوَّارِ؟
و ليس ينفع من يضحى بمجدبة ٍ … أنْ باتَ مابينَ جنَّاتٍ وأنهارِ
قد زارني قبلك الشيبُ الملمُّ ضحى ً … فما هششتُ له ما بين زواري
وكنتُ أعذرُ نفسي قبل زَوْرتِهِ … فالآنَ ضاقتْ على اللذَّاتِ أعذاري
لوامعٌ لم تكنْ للغيثِ جاذبة ً … وأنجُمٌ لم تُنِرْ للمُدْلِجِ السَّاري
لامرحباً ببياضٍ لم يكنْ وَضَحاً … لغرة ِ الصبحِ أو لمعاً لنوارِ
أبعدَ أنْ سمقتْ في العزَّ أبنيتي … وجالتِ الأرضَ آثاري وأخباري
ونِلتُ ماذِيدَ عنه كلُّ مُلتَمِسٍ … عفواً وطامَنَ عنه كلُّ جبّارِ
وداسَ بي أُفُقَ الجوزاءِ مُنتعلاً … ماشِيدَ من فضلِ أقداري وأخطاري
يرومُ شأوي وقد عزَّ اللِّحاقُ بهِ … طماعة ٌ من قصير الخطو عثارِ
أضلهُ اللؤمُ عن ذمي وجنبهُ … خمولهُ وقعَ أنيابي وأظفاري
و قد عجمتمْ أنابيبي فلم تجدوا … فيهنَّ إلاّ صَليباً غيرَ خَوّارِ
وما نهضتُمْ بأعباءٍ نهضتُ بها … ولا أحطتُمْ بأطرافي وأقطاري
ولا ضَربتمْ ونَقْعُ الحربِ مُلتبِسٌ … في فيلقٍ كزهاءِ الليل جرارِ
لايُبعدِ اللهُ أقواماً مَضَوا سَلَفاً … كانوا على نبواتِ الدهرِ أنصاري
شموسُ دجني ومقباسي على غسقٍ … و في الحنادسِ أنواري وأقماري
قومٌ إذا نزلوا داراً على عَجَلٍ … كانوا نزولاً مع النعمى على الدارِ
و إن أهبتُ بهمْ في يومِ معركة ٍ … جاؤا ولم يمطلوا عنها بأعذارِ
لايرهبون سِوى إيلامِ لائمة ٍ … ولايخافون إلاّ جانبَ العارِ
كأنَّهمْ وُلدوا في الحرب وارْتضعوا … بسائلٍ من نجيع الطعن موارِ
لا يعرفُ المالَ إلاّ حين يجعلهُ … سَدّاً لثلْمٍ وإِغناءً لإِفقارِ
جفانهُ كجوابي الماءِ فاهقة ٌ … وخُلْقُهُ كزُلالٍ بينها جارِ
كم قد بلغتُ بهمْ في مطلبٍ أَرَبي … و كم أحذتُ بهمْ من معشرٍ ثاري
وكم جَرَرْتُ حقوقي بعدَ ما شَحَطَتْ … بنصرِهم من لَهاة ِ الضَّيغمِ الضّاري
المطعمين على خصبٍ ومسغبة ٍ … والمنعمين على عُسرٍ وإيسارِ
طاحوا وماطاحَ حُزني بعدهمْ ونأَوْا … عني وما نزحوا من بين أفكاري
رزئتهمْ فيدي من بعدهم صفرتْ … منَ النَّفيس، وقلبي من هوى ً عارِ
و لم يفتهمْ وقد حازوا الكمال على … كلّ الخلائقِ إلاّ طولُ أَعمارِ
وقد مررنا بدارٍ بعدَهُمْ خَشَعَتْ … بعد اعتلاءٍ وأقوتْ بعد إعمارِ