ليومك في الاحشاء وجد مبرح – محمد حسن أبو المحاسن

ليومك في الاحشاء وجد مبرح … برحت ولكن الاسى ليس يبرح

مضيت وما ابقيت الا حشاشة … تذوب واجفاناً من الدمع تفرح

رمى الدهر عن قوس الحوادث اسهماص … بها المجداودي والحوادث تفدح

لك الخير لا تبعد فكل مسرة … تبين إذا بان الحبيب وتنزح

تغير وجه الصبح عما عهدته … فقد عاد من بعد التبسم يكلح

نعيت به فاستشعر الحزن والجوى … فؤاد به نار الرزية تلفح

فما زلت مما راعني الصبح بالأسى … اكابد منه روعة حين اصبح

كأن فم الناعي وقد شب نعيه … لنا النار زند في الجوانح يقدح

كأن لساناً بين فكيه شفرة … تقطع احشاء لنا وتجرح

كأني قبل الاذن بالعين سامع … فما صاح حتى ظلت العين تسفح

فلله نعش بالسكينة سائر … يخف ويعلوه الوقار فيرجح

يحجب غيم النعش شمس فضيلة … غدت بعد اشراق إلى الغرب تجنح

فلا عجب ان غابت الشمس ان ترى … نجوم المئاقي في دجى الحزن تلمح

أشبه بالشمس المنيرة فضله … على أنه أسنى ضياء وأوضح

لقد اغمدوا في الترب منه صفيحة … فلله ما وارى الضريح المصفح

بكته القوافي وهويرثي وربما … بسمن ابتهاجاً وهو يطرى ويمدح

له السبق إذ لا حلبة غير منبر … وليس سوى خيل الفصاحة تسبح

إذا ما جرى سبحاً لادراك غاية … نكبر اجلالا له ونسبح

كأن على الاعواد منه إذا ارتقى … ذراهن بحراً بالفوائد يطفح

كأن بها من حبه أريحية … فمن طرب اعطافها تترنح

إذا جمع الخصم الألد انبرى له … بوازعة تلوي الجماح وتكبح

إذا نضبت يوم المقامة حجة … على الخصم جاء البحر لا يتضحضح

وكم أمد جلى إليه بغرة … تقبل في يوم الرهان وتمسح

بملتقطات من بيان وحكمة … يحلى بها نادي الحجى ويوشح

تزهد في الدنيا زواجر وعظه … فيلقى فلاحاً فيه من شاء يفلح

له مقول قد أوتي الحكم لم يزل … باقليده باب الغوامض يفتح

ينال بعفو منه مالا يناله … أخو جدل في جهده ظل يكدح

يقولون قس قلت ضل قياسكم … فان جواد الهاشميين أفصح

فقدناه فرداً لا يسد مكانه … الوف من القوم الذين ترشحوا

أبا كاظم ان الرثاء تعلة … وسلوة محزون به يتروح

وفي كل رزء يحسن الصبر بالفتى … ولكنه في مثل رزئك يقبح

إذا الدهر لم يسمح بمثلك فاضلا … فما عذر قلبي وهو بالصبر يسمح

رثيتك عن قلب قريح وانما … يجيد الرثا قلب الحزين المقرح

نظمت لئالي الدمع فيك قصيدة … وخير من الدر القصيد المنقح

إذا ساءني حزن الفراق يسرني … نعيمك في دار الخلود فافرح

كما ان شعري في رثائك تارة … ينوح واخرى بالهنا لك يصدح

كأن رياض الحزن اخلاقك التي … تضوع بانفاس الرياض وتنفح

لقد عاد روض الفضل بعدك ذاوباً … ونبت الربى بعد السحاب يصوّح

سقى جدثاً هالوا على المجد تربه … سحائب لطف تستهل وتدلح

وشق بايوان الصفاء ضريحه … وكان جديراً بالنواظر يضرح

وفاز بريحان الجنان وروحها … كريم له ابوابها تتفتح

فان له عند الحسين تجارة … يفوز بها فوزا عظيماً ويربح