لك خل على الوداد أمين – محمد حسن أبو المحاسن
لك خل على الوداد أمين … صادق العهد بالوفاء قمين
هذبت طبعه صروف الليالي مثلما … هذب السيوف الفيون
حل في اشرف المعادن طبعاً … فهو فيهن جوهر مكنون
انزلته القلوب منزل صدق … فهو في مصره العزيز المكين
أوتي الحكم فهو يقضي بعدل … وله العز فيه والتمكين
كلما انفق المثمر منه … زاد كنز المعارف المخزون
ملك في ممالك النفس يجري … بصلاح قانونه المسنون
قد تجلت اثاره لميان … وتوارى فما تراه العيون
هو ضد الهوى يصد وينهى … عنه والقلب بالهوى مفنون
ارخص الجهل قدره وهو علق … عند أهل الحجى نفيس ثمين
لا يذل العزيز في الناس قدراً … ويهون الذي به يستهين
كان للخالق العزيز اعز … الخلق من يوم انشئ التكوين
هو للنظم في المعاش كفيل … وهو للفوز في المعاد ضمين
هادياً للسعادتين جميعاً … فيه دنيا الفتى وفيه الدين
وإذا ما صحبته كان زيناً … لك والصحب خيرهم من يزين
ما لمن فاته من الخير حظ … ونصيب وذلك المغبون
هو والعلم فرقدان وكل … من سنا الفه له تزيين
في تساويهما الكمال والا … اصبحا عرضة لنقص يشين
وإذا ما تفاوت الصحب حالا … مل من صحبة القرين القرين
ما يبالى الذي تحصن فيه … ان عدته معاقل وحصون
وبمرآته الصقيلة تبدو … صور الغيب تجتليه الظنون
ان دجا الليل وهو شك جلاه … لمعان الصباح وهو يقين
من قديم له حديث مع النفس … ولكن ذاك الحديث شجون
حاربته وجندها شهوات … وامان خلالهن المنون
ثم ما اجلت الكريهة الا … وهو للنفس خلالهن المنون
ما نبا حده لدى الضرب لكن … اسلمت قائم اليمان اليمين
اعضد السيف بالشجاعة وانظر … ضربات الحسام كيف تكون
قوة اظهرت غرائب فعل … اعجز القول وصفها المستبين
حمل العلم من سناه وميضا … فاضاءت معارف وفنون
ملك البحر والهواء فأضحى … وله بعد في الفنون شؤون
سل به الكهرباء تلق لديها … منه اسرار حكمة لا تبين
قبس البرق منه لمعة برق … يتهاداه سلكه الموضون
اصبح الشرق عنده وهو غرب … فسواء باريسها والصين
وسل البحر كيف خاض غمار … البحر في قوة البخار السفين
ما خرات من المحيط عباباً … زاخراً لا يعوم فيه النون
يتدرعن بالحديد ويقذفن … بنار بها الحديد يلين
وتظن الجبال سيرن في البحر … إذا سار فلكها المشجون
يرهب البحر بأسهن فللموج … صراخ من خوفها ورنين
هن في الحسن كالرياض ولكن … قبس النار في الرياض كمين
فهي تبدي طلاقة وابتهاجاً … وبأحشائها جوى وضغون
وسل الجو كيف طار إليه … باساطيل حصنهن حصين
هن فوق السحاب ادركن شأواً … قصرت دونه السحاب الجون
حلقت في السماء فهي نسور … طائرات لها السماء وكون
واستقل القطار يطوي من الأر … ض فجاجاً مزارهن شطون
تنثني الريح مذ تجاريه حسرى … وهو زيافة المهب أمون
ما تراه العيون الا اختلاساً … لمحة ثم يشكل التعيين
اسد بالزئير يحمى حماه … وله سكة الحديد عرين
وهو ينساب بالمغارة سيراً … مثلما أنساب نحوها التنين
يا أميراً له سياسة رأي … كل ذي اربة به يستعين
فأذا ما سنحت للامر وافى … لذوي الأمر طائر ميمون
وبقانونك الأساسي يرقى … للمعالي فحبذا القانون