لك الله إن حاربت فالنصر والفتح – ابن القيسراني

لك الله إن حاربت فالنصر والفتح … وإن شئت صلحا عد من حزمك الصلح

وهل أنت إلا السيف في كل حالة … فطورا له حد وطورا له صفح

سقيت الردينيات حتى رددتها … ترنح من سكر فحل القنا تصحو

وما كان كف العزم إلا إشارة … إلى الحزم لو لم يغضب السيف والرمح

وقد علم الأعداء مذيت جانحا … إلى السلم ما تنوي بذاك وما تجو

إذا ما دمشق ملكتك عنانها … تيقن من في إيليا أنه الذبح

متى التفت نقع الجحفلين على الهدى … فلا مهمة يحوي الضلال ولا سفح

إذا سار نور الدين في الجيش غازيا … فقولا لليل الإفك قد طلع الصبح

تركت قلوب الشرك تشكو جراحها … فلا زالت الشكوى ولا اندمل الجرح

صبرت فكان الصبر خير مغبة … فسيق إليك الملك يسعى به النجح

كأن القنا تجلو له وجه أمره … ولو أمهلت بلقيس ما غرها الصرح

بدولتك الغراء أصبح ضدها … بهيما ولولا الحسن ما عرف القبح

وكم من قريح القلب لو بات واردا … موارد هذا العدل ما مسه قرح

سخابك هذا الدهر جودا على الورى … على أنه ما زال في طبعه شح

وقد كان يمحو رسم كل فضيلة … ونحن نراه اليوم يثبت ما يمحو

بك ابتهج الألباب وانتهج الحجا … وأثمرت الآداب وأطرد المدح

ولاذت بك التقوى وعاذت بك العلا … ودانت لك الدنيا وعزبك السرح

فلا قلب إلا قد تملكته هوى … ولا صدر إلا قد جلاه لك النصح

وما الجود في الأملاك إلا تجارة … فمن فاته حمد الورى فاته الربح

ولم أختصر ما قلت إلا لأنني … أعبر عما لا يقوم به الشرح