لقَدْ جاوزْتَ فِيكَ مِقدارَها – ابن الخياط
لقَدْ جاوزْتَ فِيكَ مِقدارَها … خُطُوبٌ قضتْ منكَ أوطارَها
وكيفَ ترَقَّتْ إلى مُهجَة ٍ … يودُّ الرَّدى لوْ غدا جارها
سمَتْ هِمَّة ُ الخَطْبِ حتَّى إليكَ … لقدْ عظَّمَ الدَّهْرُ أخطارَها
ومنْ ذا الذي يأمنُ النائباتِ … وقد أنشبتْ فيكَ أظْفارَها
سَماحُكَ أثكلَها صَرْفَها … فجاءَتْكَ طالبة ً ثارَها
ستبكيكَ ما عُمرَتْ دولة ٌ … دعتْكَ المكارِمُ مُختارَها
فمنْ لِحماها إذا ما العدُ … وُّ أمَّتْ كتائبُهُ دارَها
ومَنْ يشهدُ الحرْبَ غيرُ الجَبانِ … إذَا الخَوْفُ غَيَّبَ أنصارَها
وَمَنْ يجعَلُ السَّيفَ مِنْ دُونِها … حِجاباً يُميطُ بهِ عارَها
ومَنْ ذا يُكَثِّرُ حُسّادَها … ومَنْ ذا يُقَلِّلُ أنظارها
ومنْ للأمورِ إذا أورِدتْ … فلمْ يملِكِ القومُ إصدارَها
ومنْ ذا يطيلُ قِراعَ الخُطُو … بِ حتّى يقَصِّرَ أعمارَها
سقى اللهُ في كلِّ يومٍ ثراكَ … حياءَ السَّماءِ وأمْطارَها
تولّى كما أقْلَعَتْ ديمة ٌ … وأوْدَعَتِ الأرْضَ آثارَها
مَضتْ واقتضَتْ شُكرَ آلائِها … نَسيمَ الرِّياض ونُوّارَها
خلائقُ إن بانَ منها العِيانُ … رَوتْنا الصَّنائعُ أخبارَها
أرى كُلَّ يومٍ مِنَ الحادِثاتِ … لنا وَقْعة ً نَصطلي نارَها
فيا ليتَ شِعرِي ـ وما نفعُ لَيتَ ـ … متى تضعُ الحربُ أوزارَها
وحتّامَ ذِمَّة ُ هذِي الجُسُو … مِ لا يرهَبُ الموتُ إخفارَها
تُفِيتُ المقادِيرُ أرواحَها … وتُبْلِي على الدهْرِ أبشارها
هربْنَا بأنفُسِنا والقَضا … ءُ يسبِقُ بالمَشْيِ إحضارَها
وما اعترفتْ أنفسٌ بالحما … مِ لَوْ كانَ يَقْبلُ إنكارَها
إذا أقبلَتْ بِالفَتى عِيشة ٌ … توقعَ بالموتِ إدبارَها
وكيفَ يحاوِلُ صَفْوَ الحَيا … ة ِ مَنْ لَيسَ يُمنحَ أكدارَها
وما عُمرُ مَنْ أدرَكَتْهُ الوَفا … ة ُ إلاّ كمرحلَة ٍ سارَها