لعلك يا شمس عند الأصيل – ابن دارج القسطلي
لعلك يا شمس عند الأصيل … شجيت لشجو الغريب الذليل
وألقوا على مروان صفوة أنفس … تعالى بها جد الزمان وجده
وسيفك منهم سهمك الصائب الذي … يزيد غناء كلما زاد بعده
رميت به آفاق رومة فانثنى … يقود بنود الروم نحوك بنده
فرب حمي الغل في غيل ملكها … بعيد على شأو الجنائب قصده
متى يرم صرف الدهر لا يعد نفسه … وإن يرمه صرف المكاره بعده
تجلى ابن يحيى في سناك لغيه … فبصره أن اصطناعك رشده
فما أبطأت إذا أبطأت يد قادح … أتاك وقد أورى لك النجح زنده
ولا غاب من وافاك من أرض رومة … بغاب من الخطي تزأر أسده
كتائب لو يرمى بها الدهر قبلنا … لزلزل ذو القرنين منها وسده
كأن فضاء الأرض ألبس منهم … لبوسا من الماذي قدر سرده
تهد بهم شم الجبال فإن هفوا … فحظك يرمي جمعهم فيهده
فما ينظر الأعداء إلا عجاجة … يسير بها الرحمن فيها وعبده
إلى يوم فلج ساطع لك نوره … وميقات فتح صادق لك وعده
على بادئ الإنعام فيه تمامه … وحق على سبط الخلافة حمده
فكوني شفيعي إلى ابن الشفيع … وكوني رسولي إلى ابن الرسول
فإما شهدت فأزكى شهيد … وإما دللت فأهدى دليل
على سابق في قيود الخطوب … ونجم سنا في غثاء السيول
ينادي الندى لسقام الضياع … ويشكو إلى الملك داء الخمول
وعز على العلم مثواه أرضا … على حكم دهر ظلوم جهول
ويعجب كيف دنا من علي … ولم تنفصم حلقات الكبول
وكيف تنسم آل النبي … وأبطأ عنه شفاء الغليل
وأطواد عزهم ماثلات … له وهو يرنو بطرف كليل
وأبحرهم زاخرات إليه … ويرشف في الثمد المستحيل
وقد آذنوه الخصيب المريع … ومرتعه في الوخيم الوبيل
تجزأ من جنتي مأرب … بخمط وأثل وسدر قليل
غريب وكم غربت راحتاه … في الأرض من وجه بكر بتول
مكرمة ما نأت عن بلاد … ولا قربت من شبيه مثيل
تضيء لها مظلمات النفوس … وتروى بها ظامئات العقول
وتطلع في زاهرات النجوم … ومطلعها جانح للأفول
شريد السيوف وفل الحتوف … يكيد بأفلاذ قلب مهول
تهاوت بهم مصعقات الرواعد … في مدجنات الضحى والأصيل
بوارق ظلماء ظلم تبيح … دمى من حمى أو دما من قتيل
فأذهل مرضعة عن رضيع … وأنسى الحمائم ذكر الهديل
وشط الصريخ على ذي الصراخ … وفات المعول ذات العويل
فما تهتدي العين فيها سبيلا … سوى سبل العبرات الهمول
ولا يعرف الموت فيها طريقا … إلى النفس إلا بعضب صقيل
ركبت لها محملا للنجاة … وصيرت قصدك فيه عديلي
فردت على عقبيها المنون … بواق مجير ورأي أصيل
وقد سمتها بنفيس التلاد … على أنفس ضائعات الذحول
فهلت اليسار بيسرى جواد … وحطت الذمار بيمنى بخيل
نفوسا حنت قوس عطفي عليها … فكن سهام قسي الخمول
ومن دوننا آنسات الديار … نهاب الحمى موحشات الطلول
يهيج فيها زفير الرياح … مدامع شجو السحاب المخيل
وتلطم فيها أكف البروق … خدود عراص علينا ثكول
تظلم من هاطلات الغمام … وتشكو من الريح جر الذيول
مغاني السرور لبسن الحداد … على لابسات ثياب الذهول
خطيبات خطب النوى والمهور … مهارى عليها رحال الرحيل
فمن حرة جليت بالجلاء … وعذراء نصت بنص الذميل
ولا حلي إلا جمان الدموع … يسيل على كل خد أسيل
فبدلن من بعد خفض النعيم … بشق الحزون ووعث السهول
ومن قصر الليل تحت الحجال … بهول السرى تحت ليل طويل
ومن علل الماء تحت الظلال … صلاء القلوب بحر الغليل
ومن طيب نفح بنور الرياض … تلظى لفح بنار المقيل
ومن أنسها بين ظئر وترب … سرى ليلها بين ذيب وغول
ومن كل مرأى محيا جميل … تلقي الخطوب بصبر جميل
لعل عواقبه أن تتم … فيهدي الغريب سواء السبيل
إلى الهاشمي إلى الطالبي … إلى الفاطمي العطوف الوصول
إلى ابن الوصي إلى ابن النبي … إلى ابن الذبيح إلى ابن الخليل
إلى المستجار من المستجير … إلى المستقال من المستقيل
إلى المستضاف المليك العزيز … من المستضيف الغريب الذليل
سلام وأنت ابن بدء السلام … من ضيفه المكرمين الدخول
غداة يضيف أهل السماء … إلى منزل آلف للنزيل
فرد سلام حليم منيب … وجاء بعجل كريم عجول
وأعطانه مألف للضيوف … وموطن ذي عيلة أو معيل
شرائع خلدها في الأنام … من كل أرض وفي كل جيل
وما زال من آله حافظ … معالمها حفظ بر وصول
بأنفس مجد سراع إليها … وأيد عليها شهود عدول
فسمي جدك عمرو الكرام … بهشم الثريد زمان المحول
وشيبه ساقي الحجيج الكفيل … بمأوى الغريب وقوت الخليل
وضيف حتى وحوش الفلاة … وأهدى القرى لهضاب الوعول
وإن أبا طالب للضيوف … لأطلب من ضيفه للحلول
ولا مثل والدك المصطفى … لركب وفود وحي خلول
يبادرهم بابتناء القباب … ويكرمهم بدنو النزول
ويخلع عن منكبيه الرداء … سرورا وفرشا لضيف القيول
يروح عليهم بغر الجفان … ويغدو لهم بالغريض النشيل
قرى عاجلا يقتضي شربه … من الكوثر العذب والسلسبيل
فأنتم هداة حياة وموت … وأنتم أئمة فعل وقيل
وسادات من حل جنات عدن … جميع شبابهم والكهول
وأنتم خلائف دنيا ودين … بحكم الكتاب وحكم العقول
ووالدكم خاتم الأنبياء … لكم من مجد حفي كفيل
تلذ بحملكم عاتقاه … على حمله كل عبء ثقيل
ورحب على ضمكم صدره … إذا ضاق صدر أب عن سليل
ويطرقه الوحي وهنا وأنتم … ضجيعاه بين يدي جبرئيل
وزودكم كل هدي زكي … وأودعكم كل رأي أصيل
………………. … ………………..