لا خيل عندك تهديها ولا مال – المتنبي

لا خَيْلَ عِندَكَ تُهْديهَا وَلا مالُ … فَليُسْعِدِ النُّطْقُ إنْ لم تُسعِدِ الحالُ

وَاجْزِ الأميرَ الذي نُعْمَاهُ فَاجِئَةٌ … بغَيرِ قَوْلٍ وَنُعْمَى النّاسِ أقْوَالُ

فَرُبّمَا جَزَتِ الإحْسَانَ مُولِيَهُ … خَريدَةٌ مِنْ عَذارَى الحَيّ مِكسالُ

وَإنْ تكُنْ مُحْكَماتُ الشّكلِ تمنَعُني … ظُهُورَ جَرْيٍ فلي فيهِنّ تَصْهالُ

وَمَا شكَرْتُ لأنّ المَالَ فَرّحَني … سِيّانِ عِنْديَ إكْثَارٌ وَإقْلالُ

لَكِنْ رَأيْتُ قَبيحاً أنْ يُجَادَ لَنَا … وَأنّنَا بِقَضَاءِ الحَقّ بُخّالُ

فكُنْتُ مَنبِتَ رَوْضِ الحَزْنِ باكرَهُ … غَيثٌ بِغَيرِ سِباخِ الأرْضِ هَطّالُ

غَيْثٌ يُبَيِّنُ للنُّظّارِ مَوْقِعُهُ … أنّ الغُيُوثَ بِمَا تَأتيهِ جُهّالُ

لا يُدرِكُ المَجدَ إلاّ سَيّدٌ فَطِنٌ … لِمَا يَشُقُّ عَلى السّاداتِ فَعّالُ

لا وَارِثٌ جَهِلَتْ يُمْنَاهُ ما وَهَبَتْ … وَلا كَسُوبٌ بغَيرِ السّيفِ سَأْآلُ

قالَ الزّمانُ لَهُ قَوْلاً فَأفْهَمَهُ، … إنّ الزّمَانَ على الإمْساكِ عَذّالُ

تَدرِي القَنَاةُ إذا اهْتَزّتْ برَاحَتِهِ … أنّ الشقيَّ بهَا خَيْلٌ وَأبْطَالُ

كَفَاتِكٍ وَدُخُولُ الكَافِ مَنقَصَةٌ … كالشمسِ قُلتُ وَما للشمسِ أمثَالُ

ألقائِدِ الأُسْدَ غَذّتْهَا بَرَاثِنُهُ … بمِثْلِهَا مِنْ عِداهُ وَهْيَ أشْبَالُ

ألقاتِلِ السّيفَ في جِسْمِ القَتيلِ بِهِ … وَللسّيُوفِ كمَا للنّاسِ آجَالُ

تُغِيرُ عَنْهُ على الغارَاتِ هَيْبَتُهُ … وَمَالُهُ بأقَاصِي الأرْضِ أهْمَالُ

لَهُ منَ الوَحشِ ما اختارَتْ أسِنّتُهُ … عَيرٌ وَهَيْقٌ وَخَنْسَاءٌ وَذَيّالُ

تُمْسِي الضّيُوفُ مُشَهّاةً بِعَقْوَتِهِ … كأنّ أوْقاتَهَا في الطّيبِ آصَالُ

لَوِ اشْتَهَتْ لَحْمَ قارِيهَا لَبَادَرَهَا … خَرَادِلٌ مِنهُ في الشِّيزَى وَأوْصَالُ

لا يَعْرِفُ الرُّزْءَ في مالٍ وَلا وَلَدٍ … إلاّ إذا حَفَزَ الضِّيفَانَ تَرْحَالُ

يُروي صَدى الأرض من فَضْلات ما شربوا … محْضُ اللّقاحِ وَصَافي اللّوْنِ سلسالُ

تَقرِي صَوَارِمُهُ السّاعاتِ عَبْطَ دَمٍ … كَأنّمَا السّاعُ نُزّالٌ وَقُفّالُ

تَجْرِي النّفُوسُ حَوَالَيْهِ مُخَلَّطَةً … مِنهَا عُداةٌ وَأغْنَامٌ وَآبَالُ

لا يَحْرِمُ البُعْدُ أهْلَ البُعْدِ نائِلَهُ … وغَيرُ عاجِزَةٍ عَنْهُ الأُطَيْفَالُ

أمضَى الفَرِيقَينِ في أقْرَانِهِ ظُبَةً … وَالبِيضُ هَادِيَةٌ وَالسُّمْرُ ضُلاّلُ

يُرِيكَ مَخْبَرُهُ أضْعَافَ مَنظَرِهِ … بَينَ الرّجالِ وَفيها المَاءُ وَالآلُ

وَقَدْ يُلَقّبُهُ المَجْنُونَ حَاسِدُهُ … إذا اختَلَطْنَ وَبَعضُ العقلِ عُقّالُ

يَرْمي بهَا الجَيشَ لا بُدٌّ لَهُ وَلَهَا … من شَقّهِ وَلوَ کنّ الجَيشَ أجبَالُ

إذا العِدَى نَشِبَتْ فيهِمْ مَخالِبُهُ … لم يَجْتَمِع لهُمُ حِلْمٌ وَرِئْبَالُ

يَرُوعُهُمْ مِنْهُ دَهْرٌ صَرْفُهُ أبَداً … مُجاهِرٌ وَصُرُوفُ الدّهرِ تَغتالُ

أنَالَهُ الشّرَفَ الأعْلى تَقَدُّمُهُ … فَمَا الذي بتَوَقّي مَا أتَى نَالُوا

إذا المُلُوكُ تَحَلّتْ كانَ حِلْيَتَهُ … مُهَنَّدٌ وَأصَمُّ الكَعْبِ عَسّالُ

أبُو شُجاعٍ أبو الشّجعانِ قاطِبَةً … هَوْلٌ نَمَتْهُ مِنَ الهَيجاءِ أهوَالُ

تَمَلّكَ الحَمْدَ حتى ما لِمُفْتَخِرٍ … في الحَمْدِ حاءٌ وَلا ميمٌ وَلا دالُ

عَلَيْهِ مِنْهُ سَرَابيلٌ مُضَاعَفَةٌ … وَقَدْ كَفَاهُ مِنَ الماذِيِّ سِرْبَالُ

وَكَيْفَ أسْتُرُ ما أوْلَيْتَ من حَسَنٍ … وَقَدْ غَمَرْتَ نَوَالاً أيّهَا النّالُ

لَطّفْتَ رَأيَكَ في بِرّي وَتَكْرِمَتي … إنّ الكَريمَ على العَلْياءِ يَحْتَالُ

حتى غَدَوْتَ وَللأخْبَارِ تَجْوَالٌ … وَللكَوَاكِبِ في كَفّيْكَ آمَالُ

وَقَدْ أطَالَ ثَنَائي طُولُ لابِسِهِ… … إنّ الثّنَاءَ عَلى التِّنْبَالِ تِنْبَالُ

إنْ كنتَ تكبُرُ أنْ تَخْتَالَ في بَشَرٍ … فإنّ قَدْرَكَ في الأقْدارِ يَخْتَالُ

كأنّ نَفْسَكَ لا تَرْضَاكَ صَاحِبَهَا … إلاّ وَأنْتَ على المِفضَالِ مِفضَالُ

وَلا تَعُدُّكَ صَوّاناً لمُهْجَتِهَا … إلاّ وَأنْتَ لهَا في الرّوْعِ بَذّالُ

لَوْلا المَشَقّةُ سَادَ النّاسُ كُلُّهُمُ؛ … ألجُودُ يُفْقِرُ وَالإقدامُ قَتّالُ

وَإنّمَا يَبْلُغُ الإنْسانُ طَاقَتَهُ … مَا كُلّ ماشِيَةٍ بالرّحْلِ شِمْلالُ

إنّا لَفي زَمَنٍ تَرْكُ القَبيحِ بهِ … من أكثرِ النّاسِ إحْسانٌ وَإجْمالُ

ذِكْرُ الفتى عُمْرُهُ الثّاني وَحاجَتُهُ … مَا قَاتَهُ وَفُضُولُ العَيشِ أشغَالُ

التعليقات 1
يوشع
18/09/2019 pm 05:16

بدنا شرح واعراب الاول