لا تعرضنَّ لضيقِ المقلِ – ابن عنين

لا تعرضنَّ لضيقِ المقلِ … فتبيتَمن أمنٍ على وجلِ

واترك ظِباء التركِ سانحة ً … لا تعترضْ لحبائلِ الأجلِ

فمتى يُفيقُ وقيذُ نافذة ٍ … مشحوذة ٍ بالسِحر والكحَلِ

لا يوقعنَّكَ عذبُ ريقتها … أنا من سُقيتُ السُّمَّ في العسلِ

من كلّ مائسة ٍ منعَّمة ٍ … غرقى الأياطلِ فعمة َ الكفلِ

خطرتْ بمثلِ الرمحِ معتدلٍ … ورنتْ بمثلِ الصارمِ الصقلِ

وتنفَّستْ عن عنبرٍ عبقٍ … وتبسَّمتْ عن واضحٍ رتلِ

خودٌ تعثّرُ كلما رقصتْ … من شعرها بمسلسلٍ رَجِلِ

بيضاءُ تنظرُ من مضيَّقة ٍ … سوداءَ تهزأ من بني ثُعَلِ

وبليَّتي من ضِيق مُقلتِها … إِنْ خِيفَ فتكُ الأعيُن النُّجُلِ

تسعى بصافية ٍ مُعتَّقة ٍ … تبدو لنا في الكأسِ كالشُّعَلِ

هجرتْ بلوذانا مهاجرة ُ … وتنصّلتْ من غلظة الجبلِ

وتعتَّقتْ في آبلٍ حقباً … لم تُمتَهنْ مزجاً ولم تُذَلِ

ودنتْ كأنَّ شعاعها قبسٌ … بادٍ وإِنْ جلَّتْ عن المثَلِ

في روضة ٍ عُنيَ الربيعُ بها … فأبانَ صنعة َ علة ِ العِللِ

وكأنَّ آذاراً تنوَّقَ في … ماحاكَ من حُلَلٍ لها وحُلي

وكأنما فَرشتْ بساحتها … فَرُشَ الزُّمرُّدِ راحة ُ النَّفَلِ

وكأن كفَّ الجوّ من طربٍ … نثرتْ عليها أنجمُ الحملِ

شقَّ الشقيقُ بها ملابسَهُ … حزناً على ديباجة ِ الأصلِ

فكأنَّه قلبٌ تصدَّعَ عنْ … سودائِه فبدتْ من الخَلَلِ

خطبَ الهزارُ على منابرها … فاعجبْ لأعجمَ مفصحٍ غزلِ

ودعتْ حمائمُها مرجّعة ً … فوقفتُ في شغلٍ بلا شغلِ

فكأنَّ في أغصانها سَحَراً … ثاني الثَّقيلِ ومطلقِ الرملِ

وكأنّما أغصانها طربتْ … فتأوّدتْ كالشاربِ الثملِ

جَرَّ النسيمُ بها مَطارِفَهُ … فتنفَّستْ عن عنبرٍ شَمِلِ

همَّ الأٌاحُ بلثمِ نرجسها … فثنى له ليتاً ولم يطلِ

وتنظَّم المنثورُ وافتضحَ النَّـ … مامُ وانقبضتْ يدُ الطَّفلِ

وأسالَ باناسٌ ذوائبَهُ … فتجعدتْ في ضيّق السُّبُلِ

أنّى اتجهتَ لقيتَ منبجساً … متدفقاً في يانعٍ خضلِ

فكأنّها استسقتْ فباكرها … كفُّ العزيزِ بمسبلٍ هَطِلِ

يغشى الوغى والحربُ قد كشرتْ … للموتِ عن أنيابها المصلِ

والشمسُ كالعذراءِ كاسفة ٌ … محجوبة ٌ بالنّقعِ في كللِ

ملكٌ صوارمهُ رسائلهُ … إنَّ الصوارمَ أبلغَ الرسلِ

ملكٌ قصرتُ على مدائحهِ … شعري وعندَ نوالهِ أملي

لا أبتغي من غيره نعماً … كم عفتُ من بِرٍّ تعرضَ لي

عثَّرتَ خلفكَ كلَّ ذيث كرمٍ … يجري وراكَ وأنتَ في مَهَلِ

ومتى ينالُ علاكَ مجتهدٌ … هيهاتَ أين التُرْبُ من زُحَل

سفهاً بحلمي إِن تركتُ أَتِـ … ـيَّ السيلِ واستغنيتُ بالوَشَلِ