لو أنَّ غيرَ الدهرِ كان العادي – ابن عنين

لو أنَّ غيرَ الدهرِ كان العادي … لتبادرتْ قومي إلى إنجادي

ولدافعتْ عنكَ المنونَ فوارسٌ … بيضُ الوجوهِ كريمة ُ الأجداد

قومٌ بنى شاذي وأيوبٌ لهم … فخراً تليداً فوق مجدٍ عادي

من كلِّ وضّاحٍ إذا شهدَ الوغى … روَّى الأسنة َ من دمِ الأكباد

كسبوا المكارمَ من متونِ صوارمٍ … وجنوا المعالي من صدورِ صعادِ

المبصرونَ إِذا السنابكُ أطلعتْ … شمسَ الظهيرة ِ في ثيابِ حدادِ

لم تَنْبُ في يومِ الهياجِ سيوفُهم … عن مضربٍ ونَبَتْ عن الأغماد

قسماً لو أنّ الموتَ يقبلُ فدية ً … عزَّتْ لكُنتُ بمُهجتي لك فادي

قد كنتُ أرجو أن أراكَ مُقاسِمي … في خفضِ عيشٍ أو لقاءِ أعادي

وأَراكَ في يوميْ وغى ً ومسرَّة ٍ … قلبَ الخميسِ وصدرَ أهلِ النادي

وأراكَ مِن صدإِ الحديد كأنما … نضختْ عليك روادعٌ بالجادي

فجرى القضاءُ بضدّ ما أمّلتهُ … فيهِ وأرهفَ حدَّهُ لعنادي

خانَتْني الأيامُ فيك فقرَّبتْ … يومَ الرَّدى من ليلة ِ الميلاد

ورَمتْنيَ الأقدارُ منكَ بلوعة ٍ … باتتْ تأجّجُ في صميمِ فؤادي

لهفي عليكَ لو کنَّ لهفاً نافعٌ … أو ناقعٌ حَرَّ الفؤادِ الصادي

ياليتَ أنكَ لي بقيتَ وبيننا … ما كنتُ أشكو من جوى ً وبعادِ

قد أسعدتْني بعدَ فقدك أدمعٌ … ذرفٌ وخامَ الصبرُ عن إسعادي

وعدمتُ بعدك لذَّة َ الدنيا فقد … أنسيتها حتى نسيتُ رقادي

أبقيتُ في كبدي حزازة ً … تَبْدُو لأهل الحشر يومَ معادي

فسقى ضريحكَ كلَّ دانٍ مسبلٍ … متواصلِ الإبراقِ والإرعادِ

حتى تُرى عرصاتُ قبرِكَ روضة ً … موشيَّة ً كوشائعِ الأبرادِ

فلقد مضيتَ وما كسبتَ خطيئة ً … وتركتَ دارَ بليِّة ٍ وفسادِ

وسكنتَ داراً ملكها لك خالدٌ … وتركتَ داراً ملكها لنفادِ