لأي صروف الدهر فيه نعاتب – المتنبي

لأيّ صُرُوفِ الدّهْرِ فيهِ نُعاتِبُ … وَأيّ رَزاياهُ بوِتْرٍ نُطالِبُ

مَضَى مَنْ فَقَدْنا صَبرَنا عند فَقْدِهِ … وقد كانَ يُعطي الصّبرَ والصّبرُ عازِبُ

يَزُورُ الأعادي في سَمَاءِ عَجَاجَةٍ … أسِنّتُهُ في جانِبَيْها الكَواكِبُ

فتَسْفِرُ عَنهُ والسّيوفُ كأنّما … مَضارِبُها مِمّا انْفَلَلْنَ ضرائِبُ

طَلَعْنَ شُمُوساً والغُمُودُ مَشارِقٌ … لَهُنّ وهاماتُ الرّجالِ مَغارِبُ

مَصائِبُ شَتّى جُمّعَتْ في مُصيبَةٍ … ولم يَكفِها حتى قَفَتْها مَصائِبُ

رَثَى ابنَ أبينا غيرُ ذي رَحِمٍ لَهُ … فَباعَدَنَا عَنْهُ ونَحْنُ الأقارِبُ

وَعَرّضَ أنّا شامِتُونَ بمَوتِهِ … وإلاّ فَزارَتْ عارضَيْهِ القَواضِبُ

ألَيسَ عَجيباً أنّ بَينَ بَني أبٍ … لنَجْلِ يَهوديٍّ تَدِبّ العَقارِبُ

ألا إنّما كانَتْ وَفاةُ مُحَمّدٍ … دَليلاً على أنْ لَيسَ لله غَالِبُ