كنت في باريس أشكو وحدتي – زكي مبارك

كنت في باريس أشكو وحدتي … كنت في بغداد أشكو زمني

وأنا اليوم أعاني غربةً … مرّة اشقى بها في وطني

أغريبٌ أنا والسيفُ إذا … طلبَ النجدة نادى قلمي

أغريب أنا والوحي إذا … غابت الأرواح ناجى ألمي

في رياض المجد والوجد أصول … باليراع العضب والشعر الجميل

كل ما قلت هو الرأي الأصيل … ما لمن رام سباقي من سبيل

قلمٌ ماضٍ وشعرٌ يعزفُ … وفؤادٌ بالمعاني ينطف

أنا إن شئت ضميرٌ حاكمٌ … أنا إن رمت حسام مرهفٌ

غنّت الدنيا بشعرى والوجود … فنجا الغافون من اسر الهجود

أيها الشادون في روض الخلود … أسجدوا للشعر قد حقّ السجود

إني افتضحت افتضحتُ … وبالتصابى عرفتُ

في كل قطر عشقتُ … من كل روض قطفت

معذّب بالجمال … مؤرّقٌ بالخيال

والعشق في كل حال … هو الحرام الحلال

يا ربّ الربيع … يذكى غرام غرامي

والوجد بين الضلوع … يذكى هيام هيامي

في ليلة الأمس همتُ … ومن دموعي شربتُ

لا تسألوا كيف كنتُ … إنى بدمعي شرقتُ

جسمٌ من النور قد صيغت محاسنهُ … كما تصاغ من الأمواج نيرانُ

غنّى بشعرى فأشجاني وأطربني … وللظباء أغاريدٌ وألحان

أخفى عليه غرامي والهيام به … شريعة الحب إسرارٌ وكتمان

ما كان تقبيله إلا مداعبةٌ … قد قلت هذا وبعض القول بهتان

قبّلتهُ فتمشت في جوانحه … من قبلة العاشق الصوال أشجاني

غداً أعيد الذي أسلفت من قبل … بها يجود مريدُ الروح شيطان