كلمات – أدونيس

كلماتٌ لها أرجلٌ وبيوتُ

كلماتٌ تموتُ

وَهْيَ حُبْلَى… سكنّا

وَطناً راودتْهُ ، شَردنا

في تقاطيعهِ، ارْتَسَمْنا

حول آفاقهِ غصونا

وارتسمنا رؤىً وعيونا

..

كلماتٌ رمَت قِشْرها، رافقتني

في طقوسِ المدينَهْ

ودخلنا مقاماتِها، احترقنا

حُلماً ها هنا دَفَنّا

جُثّةَ العالم اقتسمنا

إرثَه واستعدْنا

لهبَ الفطرة الدّفينَه.

كلماتٌ تسافر في صَرْخة الطفولَهْ

كم حملنا خُطانا مزجنا البطولَهْ

بالجنونِ ، احتمينا

ببراكينهِ…

كَلِماتٌ

حضَنتْ صمتَها وماتتْ

… وحرقنا مناديلنا وقرأنا

سورةً،

وذَبحْنا

حلُماً كالخروفِ

بين إيقاعها والحُروفِ.

… وامتزجْنا بها ورقدْنا

فوقَها

ونَهضنا

وبَدأنا ، وعدنا

والمدى جامحٌ،

كلماتٌ،

كلماتٌ هي الثورةُ

… اجترحْنا

كلّ ما يهدمُ المدينةَ أو يخلقُ المَدينَهْ

كلماتُ الحنين وأقواسه الشريده

كلماتٌ تهاجر بين الغصونْ

كلماتٌ تموتُ مع الحلم في آخر العيونْ

كلماتُ الحدود البعيده

كلماتُ الأفولْ

والصّعودِ ومعراجهِ،

الحلولْ

في الجذور وغاباتها،

كلماتٌ

شهدت جثّة الحسينْ

وهْي تبكي وتجري مع الرّافدينْ

مُتُّ في حضنها وعشْتُ

وَطَمرْتُ شَرايينها ونَبشْتُ

كلماتُ المَجيءْ

سَفَرٌ مُعتمٌ خُطواتٌ تُضيءْ

في الزّمان المهرول في وَجههِ البَطيءْ

كلماتٌ سفينهْ

في البحارِ الدفينهْ

بينَ نار الغموض ومزمارِه، الدّفينهْ

تحت رقص الجذورِ

الدّفينَهْ

حيثُ تمضي وتمضي وتمضي

مَطَراً هاذِياً

وتمضي

لهَباً هَاذياً

وتمضي…