كذب السراب – إبراهيم ناجي
البحر أسألُهُ ويسألني … ما فيه من ريٍّ لظامئهِ
متمرِّدٌ عاتٍ يضللني … كذِبُ السَّرابِ على شواطئِهِ
كم جال في وهمي فأرّقني … أربٌ وأين الفوز بالأربِ؟
وسرى بأحلامي فعلّقها … فوق السُّهى بلوامعِ الشهبِ
في يقظةٍ مني وفي وسن … صَرْحٌ بذروِتهنَّ متّحدِ
الفجرُ والسحرُ المخضّبُ من … لَبِناتِهِ والقمةُ الأبدِ
واهاً لضافي الظلِّ ورافِهِ … قضّيتُ عمري في توهّمهِ
لما طلعتُ على مشارِفِهِ … أيقنتُ أني فوق سُلَّمِهِ
ومن العجائب في الهوى اثنان … لم يضربا للحبِّ ميعادا
ومحّيِرُ الإفهامِ لحظان … قَرآ كتابَهما وما كادا
سارا فمذ وقف الهوى وقفا … يتبادلان الشوقَ والشغفا
عرف الهوى أمراً وما عرفا … مَن ذلك الداعي الذي هتفا
قَدَرٌ على قدرٍ تلاقِينا … كلُّ الذي أدري وتدرينا
أنّا أطعناهُ مُلَبِّينا … من أنت؟ من أنا؟ من يُنَبِّينا؟