كذا تتجلى الشمس بعد كسوفها – ابن دارج القسطلي

كذا تتجلى الشمس بعد كسوفها … وتبرز أغماد الوغى من سيوفها

ويمرع بالأشجار عود ربيعها … ويونع بالأثمار كر خريفها

ونعلم أن الله أبقى لأرضه … رعاية راعيها وعطف عطوفها

ورحمته أبقت حياة رحيمها … ورأفته جادت بنفس رؤوفها

حنانا على مكروبها وغريبها … وصنعا إلى مجهودها وضعيفها

ويا عجب الأيام أخفرن ذمة … لملك متى تستوفه العهد يوفها

وكيف أخافتنا الليالي على الذي … يقي عدو عاديها وخوف مخيفها

وكيف انتحى صرف الخطوب لمهجة … بها أمن الإسلام جور صروفها

وإن غرها بالجود خاتل طائف … تهجى لها الشكوى بغير حروفها

فدب إليها في عديد عفاتها … وراح عليها في سمات ضيوفها

فما ينكر الأوصاب متن مهند … معود قرع الباترات عروفها

ولا بطن كف ما تغب كواكبا … تنوء بمنهل الغيوث وكوفها

مقبل أفواه الملوك وظلها … سماء على مشروفها وشريفها

ولا قدم لا تسأم الدهر ترتقي … ذرى كل صعب المرتقاة منيفها

ولو يتعاطى عاصف الريح شأوها … لعاذ بأرجاء الفلا من عصوفها

وإن نال يا منصور من جسمك الضنى … فأمضى اليمانيات حد تحيفها

صفيحة ضرب شفها الهام والطلى … فراقت بمصقول الظباة مشوفها

عنيف على الأبطال والبذل للهى … بكف على الإسلام غير عنيفها

وإن أسبلت شكواك دمع أبيها … فقد أرقأت بشراك عين أسيفها

وإن ذبلت من دوحة الملك نضرة … فما أوحش الدنيا جني قطوفها

لمدت علينا ظلها من مهادها … ونور سناها من وراء سجوفها

وإن طرحت عنها الرياسة حليها … وبدلها الإشفاق لوث نصيفها

فوشكان ما عادت من الله نعمة … تجلت بها في تاجها وشنوفها

فردت على الإسلام نور عيونهم … وأهدت إلى الأعداء رغم أنوفها

بكر نواصي الخيل نحو ديارها … تنص المنى في نصها ووجيفها

يشب سيوف الهند نور دليلها … ويعيي حساب الهند عد ألوفها

وتنشئ ريح النصر منها سحائبا … تسح على الأعداء ودق حتوفها

يقعقع رعد النصر من جنباتها … ويومض برق الفتح بين صفوفها

وإن عجت يا منصور منها فأسوة … برد جنود المصطفى عن ثقيفها

وصد هدايا البدن دون محلها … وقد أكل الأوبار طول عكوفها

وإن رد زحف الخيل منك بأنه … فأعداؤها رهن بكر زحوفها

وهل غادرت يمناك إلا ودائعا … ختمت عليها في مقر ظروفها

عوائد طير في وكور بروجها … وحيات غور في بطون كهوفها

تأتي نواصي الخيل معقودة بها … عهود مواليها وحلف حليفها

كتائب يكسون الأباطح والربى … بخيل تليدات الوغى وطريفها

ترد عيون الجو عن لمح أرضها … وتثني أنوف البحر عن سوف سيفها

وتسمع خلدان الثرى من صهيلها … ويخرس جنان الفلا عن عزيفها

إذا أرسلت فيها العيون تشكلت … نواظرها في سيرها ووقوفها

لإيلاف شمل المسلمين برحلة … تشج بمشتاها كؤس مصيفها

يقيها هجير القيظ ظل عجاجها … ومجمدة الأنهار نار سيوفها

فلا أوحش الإسلام عام جهادها … ولا أنس الأعداء يوم خلوفها

ولا خترت منك المكارم والعلا … صفاء مصافيها وإلف أليفها

ولا انصرفت عنك الرغائب والمنى … ولا منك إلا مالئات كفوفها

وإن رجعت عن صدق وعدك برهة … حواجب آمال الغريب بصوفها