فررتُ منكم إليكم – زكي مبارك

فررتُ منكم إليكم … فجئتُ أسأل عنكم

أخاف أن تنكروني … خان الزمان فخنتم

قد جئت أنشد قلبي … قلبي الذي قد أسرتُم

ردّوه عدلاً وإلّا … فالعدل فيما ظلمتم

قد جئتُ أسأل عنهُ … وجئت أسأل عنكم

لا تسألوا كيف حالي … فالحال في الحب أنتم

نزلتُ بالخان أشكو … من غربتي ما جنيتم

عن داركم حدّثوني … قد بنتُ عنها وبنتم

لا دار إلا بوجد … وما أراكم وجدتم

الدار تشكو جفانا … ومصدر الشكو أنتم

الدار تسأل عمّا … كانت وكنا وكنتم

لو عدتُ عاد صباها … وعاد ما قد عهدتم

هل يسأل الحبّ عني … وأنتمو قد صددتم

هل تعرف السر مني … وأنتمو قد جهلتم

لا تعجبوا من عتابى … إني حييت ومتّم

دار الغرام تريني … من لوعتي ما جحدتم

أزورها بخيالي … وخاطري إن بخلتم

أوّاهُ من نار حبّ … من وقدها قد نجوتم

لو شئت أن تصطلوها … لما سهرت ونمتم

الدار تشكو جفانا … ومصدرُ الشكو أنتم

إني أراها وأدرى … من سرها ما طويتم

أحجارُها عاتبات … على الذي قد صنعتم

أطيارها شادياتٌ … بغير ما قد شدوتم

الحبّ منكم برىءٌ … فلا عفا الحب عنكم

أينقضى العمر عتباً … على الهوى وعليكم

ولا تجيزون رفعى … شكواي منكم إليكم

متى أراكم وألقى … شكواي بين يديكم

عندي حديثٌ طريفٌ … يروقكم لو سمعتم

عندي الذي قد جهلتم … عندي الذي قد علمتم

لا تهربوا من لقائي … ويلٌ لكم إن هربتم

لو شئتُ طرتُ إليكم … لأشبع الروح منكم

بيني وبين حماكم … دقائق لو سمحتم

أخاف أن تنكروني … خان الزمان فخنتم

البيتُ مني قريبٌ … وإنما البعد أنتم

فما شقاوة روحي … يا غ غادرين سعدتم

وصلتكم فمللتم … هجرتكم فشكوتم

ما للصبابة عقلٌ … جنّ الهوى فجنتم

أعلنتُ حبى فثُرتم … كتمته فغضبتم

لو طار روحي إليكم … لقال روحي وقلتم

وأزعجتكم شجونٌ … من نارها قد سلمتم

لن تثبوا لعتابي … وإن جهلتم فصلتم

في سنتريس نبغتم … وفي سيوطَ أقمتم

ما أصلكم أنبئوني … لأقبلَ التوب منكم

دعوا فؤادي دعوه … يفرَّ منكم إليكم