فأْرٌ رأَى القِطَّ على الجِدارِ – أحمد شوقي

فأْرٌ رأَى القِطَّ على الجِدارِ … مُعَذَّباً في أَضيَقِ الحِصار

والكلبُ في حالتهِ المعهوده … مستجمعاً للوثبة ِ الموعوده

فحاولَ الفأرُ اغتنامَ الفرصه … وقال أكفي القطَّ هذي الغصَّه

لعلّه يكتبُ بالأمانِ … لي ولأَصحابي من الجيران

فسارَ للكلبِ على يديهِ … ومَكَّنَ الترابَ من عينَيه

فاشتغل الرّاعي عن الجدار … ونزلَ القطُّ على بدار

مبتهجاً يفكر في وليمه … وفي فريسة ٍ لها كريمه

يجعلها لِخَطْبِه علامه … يذكرُها فيذكرُ السَّلامه

فجاءَ ذاكَ الفأرُ في الأثناءِ … وقال: عاشَ القِطُّ في هَناءِ

رأَيتَ في الشِّدّة ِ من إخلاصِي … ما كان منها سببَ الخلاص

وقد أتيتُ أطلبُ الأمانا … فامنُنْ به لِمعشَري إحسانا

فقال: حقّاً هذه كرامَه … غنيمة ٌ وقبلَها سَلامه

يكفيكَ فخراً يا كريمَُ الشِّمه … أَنك فأرُ الخطْبِ والوليمه

وانقَضَّ في الحالِ على الضَّعيفِ … يأكلُه بالمِلحِ والرغيف

فقلت في المقام قوْلاً شاعا … «مَنْ حفِظَ الأَعداءَ يوماً ضاعا»