عودة بلفور – جمال مرسي
بُلْفُورُ ..عادَ إلى الدُّنا من قبرِهِ … بوعودِهِ لِبَنِي اليهودِ و سِحرِهِ
مِنْ بَعْدِ أعوامٍ عِجافٍ قَدْ مَضَتْ … عاَد اللئيمُ بِخُبثِهِ وَ بِمَكْرِهِ
أَرَأَيْتمُ مَيْتاً قضى في سالفٍ … قد جاءنا مُتَبَخْتِراً في سَيْرِهِ ؟
وَجْهٌ عَبُوسٌ قد تَغَشّاهُ البِلَى … و رُكامُ أعوامِ الأسى في شَعرِهِ
قَلْبٌ تَغَشّاهُ السَّوادُ ، فَلَمْ يَزَلْ … كالصَّخْرِ أعيى عُصْبَةً في كَسْرِهِ
وَ يَكادُ يُشْبِهُ في رَدَاءَةِ طَبْعِهِ … فِرْعَوْنَ في جَبَرُوتِهِ ، في كِبرِهِ
انظرْ إلى كَفَّيْهِ و اْلمحْ فيهما … دَمَ مَنْ قَضَوْا عمداً بِخِنْجرِ غدرِهِ
كالأُفْعُوانِِ يبُثُّ سُمّاً قاتلاً … و تعينُهُ عَضَلاتُهُ في نَشْرِهِ
وَ لَهُ لسانُ خديعةٍ ، لا يرعوي … عن إفكِهِ ، ذَاقَ الوَرَى مِنْ جَمْرِهِ
إنْ قالَ يُعْجِبْكَ الكلامُ ، وَ خَلْفَهُ … حِقْدٌ توارى في اْبتسامةِ ثغرِهِ
وَ يَدٌ تُلوِّحُ بالسلامِ ، و تختفي … أخرى بسكينٍ ثوى في طِمْرِهِ
قد كانَ إمَّعةَ اليهودِ ، و لم يزلْ … هذا الدعيُّ مُهروِلاً في إثرِهِ
جَحَدَ الحقوقَ مُسَفِّهاً أَصْحَابَهَا … و الحقُّ أبلجُ يُستضاءُ بِبَدْرِهِ
لا يُنْكِرُ الحقَّ المُبينَ سوى اْمْرِئٍ … وَثَبَ الأبالسُ فوقَ صَهْوَةِ ظَهْرِهِ
نَحوَ اليمينِ يُوَجِّهُونَ زِمَامَهُ … فإذا عصى وضعوا العصا في نَحْرِهِ
و إلى اليسارِ إذا أرادوا بالورى … شَرّاً أراقوا للورى مِنْ شَرِّهِ
كَالدُّمْيَةِ الحمقاءِ في أَيْمانِهِمْ … للرقْصِ تَصْلُحُ ، لا تُفِيدُ لغَيْرِهِ
يا أيها ( البُلْفُورُ ) أنت مُسَيَّسٌ … كالجَدِّ ( بُلْفُوُرَ ) الكبيرِ بِقَبْرِهِ
لا فَرْقَ بَيْنَكُمَا سِوَى فِي سَحْنَةٍ … وَ كِلاكُما مُتفرِّدٌ في عُهْرِهِ
هُوَ قَدْ تَبَوَّأَ فِي الجَحِيمِ مَكَانَهُ … و أراكَ تَنْتَهِلُ اللَّظَى مِنْ بِئْرِهِ
أوَ كانَ إِرْثَ أبيكما لِتُوَزِّعَا … بِحَمَاقةٍ ما شِئْتُمَا مِنْ خيرِهِ
هُوَ سَلَّمَ الأقصى لأنجاس الدُّنا … كي يعبثوا بوقارِهِ و بِطُهْرِهِ
وَ أَتَيْتَ بِالقَوْلِ المُشِينِ مُؤَيِّداً … أَفْعَالَهُ ، فَسَقٌيْتَنَا مِنْ مُرِّهِ
وَ زَعَمْتَ أَنَّ اللاّجِئِينَ مَكَانُهُمْ … مَنْفىً،يَهِيمُ شِرَاعُهُمْ فِي بَحْرِه
فطَمَسْتَ تاريخاً عظيماً خَطَّه … شَعْبٌ أَبِيٌّ في دَفَاتِرِ عُمْرِهِ
كيما تنال رضا اليهودِ وَ مَالَهُمْ … و يُقالُ:هذا الغِرُّ فارسُ عصرِهِ
لكَ يا (ابنَ بلفورَ) اللظى ستذوقهُ … فلتنتظرْ يوماً تموتُ بِحَرِّهِ
لا تحسبنْ ربَّ البرايا غافلاً … عن ظلمِ خنزيرٍ طغى في فُجْرِهِ
سيصبُّ في عينيك جامَ عذابِهِ … ربُّ الورى كلٌ يدينُ لأمرِهِ