سراب – جمال مرسي

مَن أَنتِ يَا فَجراً تَوَضَّأَ بِالسَّنَا … مَن أَنتِ قُولِي ، كَي أُجِيبَكِ مَن أَنَا ؟

أَلقَت بِكِ الأَقدَارُ فِي دَربِي ، و مَا … أَلفَيتُ دَرباً رَاقَنِي مُذ ضَمَّنا

و كَأَنَّهُ مِن نُورِ وَجهِكِ أَشرَقَت … جَنَباتُهُ ، فَهَدَى خُطَايَ إِلَى الهَنَا

عَامَانِ مُذ كَانَ اللِّقاءُ ، و خَافِقِي … مُتَرَنِّحٌ بَينَ الصَّبَابَةِ والعَنَا

أَصحُو عَلَى شَوقٍ ، أَبِيتُ عَلَى جَوَىً … وأَشُمُّ فِي رَوضِ التَّذَكُّرِ سَوسَنَا

وأُبِيحُ لِلعَينِ اختِلاسَ طُيُوفِ مَن … زَرَعَت ، و رَاحَت بِالبِذَارِ و بالجَنَى

وعَنَادِلُ القَلبِ الشَّغُوفِ تَرَنَّحَت … مِن خَمرِ عُصفُورٍ بِثَغرِكِ دَندَنَا

و نَسَائِمُ الجَنَّاتِ فَاحَت بِالشَّذَا … فَعَرَفتُ مَن تَخِذَت رُبَاهَا مَسكَنَا

مَن أَنتِ ، قَد جَفَّ السُّؤالُ عَلَى فَمِي … و اْخضَوضَرَت فِي القَلبِ أَشجَارُ الضَّنَى

و تَأَجَّجت نَارُ التَّوَلُّهِ فِي دَمِي … مِن نَظرَةٍ قَلَبَت بِعَيْنَيَّ الدُّنَى

فَشَمَالُهَا كَجَنُوبِهَا ، و صَبَاحُهَا … كَمَسَائِهَا ، و المُستَقِيمُ المُنحَنَى

و نُوَاحُهَا كَصُدَاحِهَا ، و عَرَاؤُهَا … كَكِسَائِهَا ، والفَقرُ فِيِهَا كَالغِنَى

مَن أَنتِ قُولِي ، أَينَ بَوْصَلَةُ الهَوَى … تَهدِي سَفِينَةَ مَن لِحُبِّكِ أَذعَنَا

لَو كُنتِ خَلفَ الشَّمسِ جَئتُكِ طَائِراً … لأُرِيقَ فِي كَفَّيْكِ أَنهَارَ المُنَى

أَو كُنتِ خَلفَ البَحرِ جِئتُكِ سَابِحاً … لا المَوجُ يُثنِينِي هُنَاكَ و لا هُنَا

عَامَانِ و الدَّربُ الطَّوِيلُ يَقُودُنِي … لِلآَلِ ، مَا فَتَرَ الفُؤَادُ و مَا وَنَى

عَامَانِ أَبحَثُ فِي مَوَانِي اْلقَادِمِي.. … نَ ، اْلرَّاحِلِينَ ، و كَم سَأَلتُ الأَعيُنَا

و نَظَرتُ فِي كُلِّ القُلُوبِ فَلَم أَجِدْ … لِطُيُورِ قَلبِيَ غَيرَ قَلبِكِ مَوطِنَا

عَينَاكِ غَيَّرَتَا خَرِيطَةَ عَالَمِي اْل … بَدَوِيِّ ، مُذ أَشرَقْتِ فِيهِ تَمَدَّنَا

و جَبِينُكِ المِرآَةُ يَفضَحُ لَحظَةً … دَارَت بِهَا كَأسُ التَّسَاؤُلِ بَينَنَا

و يَمِينُكِ النَّعنَاعُ مُذ لَمَسَت يَدِي … و حَرَارَةُ اللُّقيَا تُرَاوِدُ أَرعَنَا

لَوْلاكِ قَرَّت عَينُهُ بِمَنَامِهَا … و ارتَاحَ مِن أَرَقٍ عَلَيهِ تَشَيْطَنا

يا ظَبيَةً عَرَبِيَّةً لَم تَترُكِي … لِقَتِيلِ حُسنِكِ غَيرَ حُلْمٍ هَيمَنَا

و شَرَدتِ لا عُنوَانَ غَيرَ ” أُنُوثَةٍ ” … و سَرَابِ غَانِيَةٍ إِذَا ابتَعَدَتْ دَنَا

و قُصَاصَةٍ بَيضَاءَ نَوَّرَ فَوقَها: … ” مَن أَنتَ قُل لِي كَي أُجِيبَكَ مَن أَنَا “