عهد وصل بالرقمتين قديم – محمد حسن أبو المحاسن

عهد وصل بالرقمتين قديم … سلفت فيه نضرة ونعيم

قف عليه مسلما إن فرضاً … في الديار الوقوف والتسليم

يا خليلي والخليل المواسي … خير ذخر إذا أطل عظيم

أسعد اني بوقفة في المغاني … ريثما يشتفي الفؤاد السليم

ذكرتني منازل الوحي لما … عاث في أهلها الزمان الغشوم

صدعت شملها صروف الليالي … فهي قفرى وفيؤها مقسوم

فغريب مشرد وقتيل … مستضام وصابر مسموم

واستمرت على الوصي خصوب … ورزايا يطيش منها الحليم

يوم جاءت إلى القبيلة تشتد … رجال كانت عليها تحوم

نقضت بيعة الهدى واستجدت … بيعة كلها ضلال وشوم

وردوا منهل الغواية طرقا … وغدير الرشاد عذب جموم

أعلى يعكفون وفيهم … أسد الله والعماد القويم

عميت أعين تساوى لديها … فلق الصبح والظلام البهيم

من سما للمنون في يوم بدر … يوم صالت أبطالها والقروم

وبأحد من رد بأس عداها … ثابت الجاش مقدماً لا يخيم

وبيوم الأحزاب إذ عظم الأمر … وراع الإسلام خطب جسيم

وسطا فارس الكتيبة يختا … ل به مشرف اقبل عظيم

من جلا كربها وجلى دجاها … وبمن فل جيشها المهزوم

غير مولاهم ومن بعلاه … صدع الذكر والكتاب الحكيم

عدلوا بالدني فرعا شريفا … وشجت بالنبي فيه الأروم

أفهل يستوى وهيهات غاو … ورشيد وجاهل وعليم

لم يرشحهم لعلياء فضل … فيسودوا ولانجار صميم

وأتتهم عقيلة الوحي حرى … قد برتها أحزانها والهموم

أفرغت عن لسان أحمد فيهم … حججاً كان حقها التسليم

فرموا حقها الصريح بأفك … زخرفوه والأفك مرعى وخيم

لا عدت خطة الهوان رجال … ليس في جمعها الغفير كريم

غصبوا إرثها وعدوه غنماً … وهو الغرم والأله الغريم

بيت أحزانها مشيد ولكن … صبرها واهن القوى مهدوم

وقست منهم القلوب عليها … وأبوها البر الرؤف الرحيم

جاءهم معدمي ثراء حيارى … فاهتدى حائر واثرى عديم

فاض إحسانهم عليهم سجالا … وسقتهم من راحتيه العيوم

فغدا عيشهم حميدا ولكن … عهدهم في بني النبي ذميم

سيذوقون ما جنوه وشيكا … يوم يغدو الشفيع وهو خصيم

سوموها كتائبا ولحرب … المصطفى كان ذلك التسويم

وانتضوها صوارماً بشباها … قد أصيب الحسين وهو فطيم

أقصدته بكربلاء سهام … راشها بالحجاز رام غشوم

ثم هبت أمية مثلما ثارت … إلى وردها عواطش هيم

من طريد مبعد وطليق … وزنيم ينميه رجس زنيم

تستذل الرقاب من كل حي … لاغفار نجت ولا مخزوم

تهب الخمس للطريد نوالا … ان بعض النوال بخل ولوم

فكأن الأموال نبت ربيع … طفقت ترتعي به وتسوم

ثم لما تناول القوس باريها … وأوفى عميدها والزعيم

نكثت فرقة وخف إلى البصرة … فيها ذميلها والرسيم

واستبدت بالأمر أخرى فمرت … في غمار الغي القديم تعوم

واستزل التحكيم اراء قوم … كان من قبل رأيها التحكيم

بأبي الصابر المكابد منهم … محناً غادرته وهو كظيم

واذكر المجتبى حبيب رسول … الله فهو المصبر المظلوم

قابلوا عظم حلمه بسناه … ومن الحلم قد يضام الحليم

أعلى ابن البتول يغدو ابن هند … حاكما وهو بالخنا موصوم

يا لها من رزية غشي الدنيا … مطلا سحابها المركوم

وإذا ما بكيت فابك شهيد … الطف ان المصاب فيه عظيم

ما جنت مثله الليالي ولم يسم … إلى شأو مثله المحتوم

فإذا حاول الأسى ذو التأسي … لم يجد من عزائه ما يروم

قمر خر من سماء المعالي … فتهاوت حزناً عليه النجوم

وبكاه الكليم موسى وقاسى … فيه نار الأحزان ابراهيم

لهف نفسي على الحسين لهيفاً … ظامي القلب والفرات جميم

منعوه عذباً وساموه مراً … فأبى والاباء في الشهم خيم

كيف يرضى وسم الهوان سري … بالمعالي جبينه موسوم

فسطا يحطم الرماح مشيحاً … أسد غيله القنا المحطوم

خائضاً غمرة الوغى فيه طرف … يملك الطرف رائع لهموم

مرح يسبكر في السلم تيها … مثلما غازل الرياض نسيم

وبيوم الرهان تطلع منه غرة … صحن خدها ملثوم

مستسلا من غمده نجم حتف … للفنا في طلوعه تقويم

شامه كالوميض عضباً ولكن … من سناه سوى الردى لم يشيموا

عارض يمطر الكمات فيغدو … منه روض الأعمار وهو هشيم

لمساعي عميده شاكرات … في مجال الفرند تلك الرقوم

ثل عرش الوغى وشاد بناء … المجد لكن حده مثلوم

قامت الحرب فارتماها ببأس … يقعد الشوس هوله ويقيم

باسل بأسه يخص الأعادي … ونداه بين الأنام عميم

في محياه جنة البشر لكن … بشبا سيفه تشب الجحيم

وعلى الموت عاقدته رجال … قد زكت في الفخار منها الأرو

عارضوا البيض بالوجوه رضاء … ووجوه الردى عوابس شيم

ووقوه حد السيوف وفازوا … برغيد الجنان حيث النعيم

وشذا ذكرهم بكل ندي … عطر الكائنات منه الشميم

نثروا في الصعيد كل سري … جوهر الحمد في علاه نظم

وسليب من السهام تردى … وشي هيجاء زانه التسهيم

يا رسول المليك هذا حسين … سبطك الطاهر الصفي الكريم

بين شوك القنا يشك حشاه … وهو ريحان روضك المشموم

لم يزل صابراً يجاهد حتى … جاءه سهم بغيها المسموم

فهوى للثرى حضيب المحيا … عافراً خده الأغر الوسيم

وعلي صدره تجول مذاكي … الخيل مرخى عنانها والشكيم

عاديات ترضى صدراً لديه … أودع الحلم والتقى والعلوم

أتطيب النفوس عيشاً وتغدوا … موطئا للجياد تلك الجسوم

أم يلذ الزلال وردا وعنه … سبط طه محلا محروم

أم ترى بعدما تهتك جهراً … ستريبت الهدى يصان حريم

وصفايا النبي فوق المطايا … تترامى بها الفلا والحزوم

خفرات بدون من حجب العفة … لما استقل عنها الحميم

أبرزوهن من ظلال خدور … حيث يذكو هجيرها والسموم

بعدما كن في سرادق عز … بقنا الخط سقفه مدعوم

يا لها الله لوعة يوم سارت … ضعنا والحسين ثاو مقيم

خلف الدمع بالجفون كراها … إذ جفاها الرقاد والتهويم