عجبا لغي الحب لاح سبيله – ابن دارج القسطلي

عجبا لغي الحب لاح سبيله … ولرشد حلمك كيف ضل دليله

ولعيش صب لا يرق حبيبه … مما شجاه ولا يفيق عذوله

ولقاتل بالهجر غير مقاتل … يفديه من مضض العتاب قتيله

إن خط في جو السماء مثاله … بدرا فبين جوانحي تمثيله

أو شرد التسهيد طيف خياله … عن ناظري ففيهما تخييله

ولهان فيه ما فقدت من الكرى … لو كان من نظري إليه بديله

أو كان حكم هواه لا تحريمه … وصلي عليه ولا دمي تحليله

غصن يميس به الصبا فيقيمه … طورا وتوهمه الصبا فتميله

فكأنه في لمح طرفي عاثر … وتقيه تفديني له فتقيله

وتكاد أنفاسي تزايل متنه … لولا كثيب منه ليس يزيله

فكأنما يشتق من حركاته … نغم الغناء خفيفه وثقيله

لو أنه يشتق من أعطافه … عطف يعلل لوعتي تعليله

وعليل لحظ الطرف أعدى طرفه … قلبي بداء لا يفيق عليله

سلب الملاحة في الظباء وفي المها … حتى استبد بجزئها تكميله

أنفا لمن سكن الترائب أن يرى … يطأ التراب شبيهه ومثيله

ولقد حفظت له أمانة لاعج … بالشوق يغلي في الفؤاد غليله

وضربت من دمي على خدي له … غرما غرامي بالقضاء كفيله

فلئن صبوت فلست أول عاشق … نبع الهوى فهوى به تضليله

ولئن صبرت فلست بدع مفارق … غالت حبيب النفس عنه غوله

ولئن سلوت فأي أسوة واعظ … ألهاه عن قمر السماء أفوله

فسما إلى الملأ الأجل بهجرة … وافى بها الرحمن وهو خليله

وهناك يا منصور همت بهمة … فيها سلو المستهام وسوله

طلبا لحظ لا يذل عزيزه … من حظ غي لا يعز ذليله

فهدى وأهداني إليك مبرزا … شهدت له في السابقات عدوله

وعجلا عليك به الجلاء مهندا … صدقتك عن قرع الحروب فلوله

وعفت محاسنه العدى فكأنها … في معهد الوطن الفقيد طلوله

إن يصده رهج الوغى فشعاعه … بالعلم لماع الجلاء صقيله

أو تخلق البلوى حمائل حليه … فعلى التجمل والمنى تجميله

أو تقطع الأيام عهد ذمامه … فالصبر واصل حبله موصوله

فآتاك يا منصور فاقد غمده … برجاء مجرور إليك ذيوله

رسف المقيد في أضاليل الدجى … والقفر والبحر المحيط كبوله

كربا كموج البحر لا إهلاله … إلا إليك بها ولا تهليله

فليهن ذا أمل إليك مآله … وجلاء مرتحل إليك رحيله

وظلام ليل في جبينك صبحه … وهجير قيظ في ذراك مقيله

وليهننا وليهنك العيد الذي … بسناك أشرق صبحه وأصليه

عيد إليك سلامه وقوامه … ونظامه وزحامه وحفوله

وعلى الإله معاده وعتاده … وإيابه وثوابه وقبوله

وليهن كل مليك شرك عيده … يوم إليك بلوغه ووصوله

ضلت به سبل الشرائع واهتدت … بشريعة الزلفى إليك سبيله

ناش على دين السجود وما درى … قبل السجود إليك ما تأويله

أنساه قدرك ما أضل صليبه … وأراه سيفك ما حوى إنجيله

فأجار محياه إليك نزاعه … وأعزه بك في الورى تذليله

ولئن حمى عنك ابن مير محلة … في شامخ أعيا النجوم حلوله

ونماه ملك لا يضعضع تاجه … ووقاه عز لا يخاف خموله

فلقد دعاك إلى رضاك ودونه … غول الضلال حزونه وسهوله

أصبى إليك من الصبا وأحن من … أفق ونت عنه إليك قبوله

وأجل قدرك عن سواه وقدرما … أخفى إليك نجيه ودخيله

عن صدق غيب بالكتاب يبثه … أو برح شوق بالرسول يقوله

فهوى وصفحته إليك كتابه … وهفا ومهجته إليك رسوله

عجلا إلى أمل دنا تعجيله … وجلا به أجل نأى تأجيله

لله ما رحلت إليك رحاله … طوعا وما حملت إليك حموله

غاز وناصره عليك خضوعه … سار وطاعته إليك دليله

نشر اللواء زماعه ونزاعه … فطوى المهامه نصه وذميله

ولقد خلعت قبل دونه … بردا تفيض على الفضاء فضوله

لجبا من الخلق المضاعف نسجه … أشبا من الأسل المثقف غيله

شرقا به لوح الهواء وجوه … غرقا به عرض البلاد وطوله

مستقبلا بجنوده وبنوده … ملكا يهل إليك حين تهوله

ولشدما ماجت به أمواجه … حتى أسالته إليك سيوله

بصورام في طيهن تراته … وذوابل في لمعهن ذحوله

غاب تساود ناظريه أسوده … من بعد ما اختالت عليه خيوله

فمشى إليك به الزحام كأنه … عان يقصر خطوه تكبيله

مبهور أنفاس الحياة كظيمها … وغضيض لحظ الناظرين كليله

حتى تنفس روحه في راحة … علياء مقبولا بها تقبيله

ورفعت ناظره بنظرة باسط … للأمن مبلوغا بها تأميله

فأريته كيف ارتجاع حياته … ولتلك أيسر ما بدأت تنيله

من فيض عرف تستقل كثيره … ولقد يزيد على الرجاء قليله

نزلا يذكره العراق ومصره … ملكا ودجلته يداك ونيله

وشروق شمس لا يحين غروبها … في برد ظل لا يحور ظليله

ورأي صريع الخطب كيف تقله … ورأى عثور الجد كيف تقيله

ورأى ذليل الحق كيف تعزه … ورأى عزيز الشرك كيف تديله

ورأى صدوع الدين كيف تلمها … ورأى كثيب الكفر كيف تهيله

ولئن تقدم في رضاك قدومه … فلقد تزود من نداك قفوله

خلائق من طيبهن خلوقه … وشمائل من صفوهن شموله

ومعالم لعلاك لا تعظيمه … لسوى مشاهدها ولا تبجيله

فلها بقدر الروم وهي أرومه … وزرى بملك الصفر وهي أصوله

ابن اصطفى قحطان عزة ملكه … ومن التبابع جذمه وقبيله

ولمن نمى سبأ بسبي ملوكها … واستخلفت أذواؤه وقيوله

ولمن تتوج بالمكارم تاجه … علوا وكلل بالهدى إكليله

سطعت على الأملاك غرة وجهه … نورا وأشرق بالندى تحجيله

فالله يعلي قدره ويزيده … صنعا وينسىء عمره ويطيله

في عز نصر لا زمان يخونه … وبقاء ملك لا مديل يديله