طَلَبْنا النّوالَ الغَمْرَ، وَالخَيرُ يُبْتَغى – الأبيوردي

طَلَبْنا النّوالَ الغَمْرَ، وَالخَيرُ يُبْتَغى … فلمْ نَرَ أنْدى مِنْكَ ظِلاًّ وَأَسْبَغا

وزرنا بني كعبٍ فخلنا وجوههمْ … شموساً نبتْ عنها النَّواظرُ بزَّغا

فأنتَ الحيا والجودُ يغبرُّ أفقهُ … وليثُ الشَّرى والبأسُ يحمرُّ في الوغى

وتسطو كما يعتنُّ في جريانهِ … أتيٌّ إذا ماردَّ ريعانهُ طغى

وَلَولاكَ لَمْ تَرْضَعْ غَوادِيَ مُزْنَة ٍ … خَمَائِلُ تَضْحي السُّحْبُ عَنْهُنَّ رُوغَّا

لكَ الرّاحَة ُ الوَطْفاءُ يُربي نَوالُها … على مطرٍ في صفحة ِ الأرضِ رسَّغا

وعزمة ُ ذي شبلينِ إنْ شمَّ مرغماً … أخاضَ النَّجيعَ الوردَ ناباً وأولغا

ونادٍ يغضُّ الطَّرفُ فيهِ مهابة ً … ولا ينقلُ العوراءُ عنهُ ولا اللَّغا

فلا الماحلُ الواشي يفوهُ بباطلٍ … لديهِ، ولا الإصغاءُ يدني المبلِّغا

يكادُ فَمُ الجَبّارِ يَرْشُفُ بُسْطَهُ … إذا الخَدُّ في أَطرافِهِنَّ تَمرَّغا

إذا ما مَخَضْتَ الرّأْيَ وَالخَطْبُ عاقِدٌ … نَواصِيَهُ بانَ الصَّريحُ مِنَ الرُّغا

تَشيمُ الظُّبا حَتّى إذا الحَرْبُ أُلْقِحَتْ … هَزَزْتَ حُساماً لِلجَماجِمِ مِفْدَغَا

غدا والرّدى تستنُّ في شفراتهِ … يَميرُ دَماً بالحائِنينَ تَبَيَّغا

فَما الرَّأيُ إِلاّ أَنْ يُضَرِّجَ غَرْبَهُ … بِهِ تَحْتَ أَذيالِ العَجاجِ وَيَصْبُغا

ولا عزَّ حتّى تتركُ القرنُ مرهقاً … حمتهُ العوالي أن يعيثَ وينزغا

فبكِّرْ عليهِ بالأراقمِ لسَّعاً … وأسرِ إليهِ بالعقاربِ لدَّغا

وَأَرْعِفْ شَباة َ الرُّمْحِ، فَالنَّصْرُ حائِمٌ … عليكَ إذا ما الطَّعنُ بالدَّمِ أوزغا

وكلّ امرئٍ جازى المسيءَ بفعلهِ … فلا حَزْمَهُ أَلْغَى ، ولا الدّينَ أَوْتَغَا

فِدى ً لكَ مَنْ يَطوي الهِجاءُ أديمَهُ … على حَلَمٍ إذْ لَمْ يَجِدْ فيهِ مَدْبَغا

وَقَدْ نَعَشَتْهُ ثَرْوَة ٌ غيرَ أَنَّهُ … أَعَدَّ بِها لِلذَّمِّ عِرْضاً مَمَشَّغا

فَإنَّ ازْدِيادَ المالِ مِنْ غَيْرِ نائِلٍ … يَشين الفَتى كَالسِّنِ لُزَّ بِهِ الشَّغا

إذا صيحَ بالأمجادِ أقمأَ شخصهُ … وَإِنْ زَأَرَ الضِّرغامُ في غابِهِ ثَغا

وإن هدرتْ يومَ الفخارِ شقاشقٌ … شحا فاهُ يستقري الكلامَ الممضَّغا

تلوبُ المنى من راحتيهِ على صرى ً … وتمتاحُ بحراً من يمينكَ أهيغا

وَشارِدَة ٍ يَطوي بِها الأرضَ بازِلٌ … إذا اضطربَ الأعناقُ من لغبٍ رغا

أَدارَ بِها الرّاوي كُؤوسَ مُدامَة ٍ … يَظَلُّ فَصيحُ القَوْمِ مِنْهُنَّ أَلْثَغا

وَدونَ قَوافيها كبا كُلُّ شاعِرٍ … إذا قيدَ كرهاً في أزمَّتها ضغا

فذلَّلتها حتّى تحلَّتْ بمنطقٍ … يردُّ على أعقابِ وحشيِّها اللُّغا

أَراكَ بِطَرفٍ ما زَوى عَنْكَ لَحْظَهُ … ولا افترَّ عن قلبٍ إلى غيركم صغى

بقيتَ ضجيعَ العزِّ في خضنٍ دولة ٍ … لَبِسْتَ بِها طَوْقَ الأَهِلَّة ِ مُفْرَغا