ضَمانٌ على عَينيكَ أنِّيَ عانِ – ابن سهل الأندلسي

ضَمانٌ على عَينيكَ أنِّيَ عانِ … صرَفتُ إلى أيدي العَناء عِناني

وقد كنتُ أرجو الوصلَ نَيلَ غنيمة ٍ … فحسبيَ فيه اليومَ نيلُ أمانِ

أطَعتُ هَوَى طَرفي لحَتفي لوَ أنني … غضضتُ جفوني ما عضضتُ بناني

ومَن لي بجسمٍ أشْتكي مِنه بالضَّنى … وقلبٍ فأشْكُو مِنه بالخفَقَان

و ما عشتُ حتى الآنَ إلاَّ لأنني … خفيتُ فلمْ يدرِ الحمامُ مكاني

ولو أنَّ عُمْري عُمرُ نوحٍ وبعتُه … بساعة ِ وصلٍ منكَ قلتُ: كَفاني

و ما ماءُ ذاكَ الثغرِ عندي غالباً … بماء شَبابي واقتِبالِ زماني

إذا اليأسُ ناجى النفسَ منك بلنْ ولا … أجابتْ ظنوني : ربما وعساني

خَليليَّ عِندي للسُّلوّ بَلادَة ٌ … فإن شِئتُما عِلْمَ الهوى فسَلاني

خذا عدداً من مات من أولِ الهوى … فإن كان فرداً فاحسباني ثاني

فإن قال شخصٌ : أينَ أعشقُ عاشقٍ … تخيّلتُه دونَ الأنامِ عَناني

مَراضِعُ موسى أو وصالُ سَميِّه … نظيرانِ في التحريمِ يشتبهان

أقولُ وقد طال السُّهادُ بذِكره … وقد كلّ نَسْرُ الشُّهْبِ بالطّيَران

وقد خَفَق البرقُ الطَّرُوبُ كأنّه … حُسامُ شُجاعٍ أو فؤادُ جَبان

يشقُّ حداد الليلِ منهُ براحة ٍ … مُخضَّبة ٍ أو دِرعَهُ بسِنان

تراءى لعيني خلباً وانتجعته … فأمطرني من مقلتي وسقاني

أشارَ تجاهي بالسلامِ فلو دعا … بها البرقُ قبلي عاشقاً لدعاني

فبتُ بأشواقي قتيلاً وإنما … نجيعيَ دمعي فاض أحمرَ قان

كأنَّ نجومَ الليلِ حولي مآتمٌ … غُرابُ الدُّجى ما بَينهنَّ نَعاني

خررتُ لذكراه على التربِ ساجداً … فإن لاحَ من قُربٍ فكيف تَراني