صبٌّ يذوبُ إلى لقاءِ مُذيِبِهِ – عبدالجبار بن حمديس

صبٌّ يذوبُ إلى لقاءِ مُذيِبِهِ … يستعذبُ الآلام مِنْ تعذيبهِ

عمّى هواهُ عن الوشاة ِ مُكتماً … فجرَتْ مدامعُهُ بِشَرْحِ غريبه

كم لائمٍ والسمعُ يدفعُ لَوْمَهُ … والقلبُ يدْفعُ قلْيَهُ بوجيبه

ملكَ القلوب هوى الحسان فقل لنا … كيفَ انتفاعُ جسومنا بقلوبه

وبم السلوّ إذا بدا لي مثمراً … خوطٌ يميسُ على ارتجاج كثيبه

والشوقُ يَزْخَرُ بَحْرُهُ بِقَبولهِ … ودبوره وشماله وجنوبه

وبنفسي القمر الذي أحيا الهوى … وأماتَهُ بطلوعِهِ وغروبه

قرّنوا بورد الخد عقرب صُدغه … وذَرَوْا ترابَ المسك فوق تريبه

والعين حيرى من تألق نوره … والنفس سكرى من تضوعِ طيبه

في طرفه مرض، ملاحته التي … ألقَتْ عليّ أنينَهُ بكروبه

أعيا الطبيب علاجه، يا سحرهُ … ألَدَيْكَ صَرْفٌ عن علاجِ طبيبه

إني لأذكره إذا أنْسَى الوغى … قلبَ المحبِّ المحضِ ذكر حبيبه

والسيفُ في ضرب السيوف بسلّة ٍ … في ضحكِهِ، والموت في تقطيبه

وأقبَّ كاليعسوبِ تركبُ مَتْنَهُ … فركوب متن البحر دون ركوبه

متقمصٌ لوناً كأن سواده … غمس الغراب الجون في غربيبه

يرميك أول وهلة بنشاطه … كالماءِ فُضّ الختْمِ عن أنبوبه

بقديم سبقٍ يستقل ببعضه … وكريم عرْقٍ في المدى يجري به

وبأربعٍ جاءتك في تركيبها … بالطبْعِ مُفْرَغَة ً على تركيبه

فكأنَّ حِدَّة َ طَرْفِهِ وفؤادِهِ … من أذنه نقلت إلى عرقوبه

ألقى على الأرض العريضة أرضه … ثم اشتكى ضيفاً لها بوثوبه

وجزَى ففاتَ البَرْق سبقاً وانتهى … من قبلِ خطفته إلى مطلوبه

فلشبه دهمته بدهمة ٍ ليله … أمسى يفتشه بفرط لهيبه

ويرشّ سيفي بالنجيع مصارعاً … للأسْدِ يُسْكنُها بذيل عسيبه

ومهند مثل الخليج تصفقت … طُرُقُ النسيمِ عليه من تَنْشِيطهِ

ربّتْهُ في النيرانِ كَفّا قَيْنِهِ … فهو الزِّنادُ لهنّ يوم حروبه

وكأنَّما في مائِهِ وسعِيرِهِ … نملٌ يسير بسحبه ودبيبه

وإذا أصابَ قذال ذِمْرٍ قَدّهُ … ومشَتْ يدي معه إلى مَرْغوبه

وكأنما اقتسم الكميَّ مع الردى … ليكونَ منه نصيبه كنصيبه