سعي شفى بالمنى قبل انتها أمده – ابن دارج القسطلي

سعي شفى بالمنى قبل انتها أمده … ويوم سعد أرانا الفتح قبل غده

بمقدم والقنا ملء الفضاء به … وقادم وعتاد الشرك ملء يده

داع إلى دعوة الإسلام ينصرها … فأي معتمد من شأو معتمده

وكم فؤاد وكم جسم وكم بصر … لباه من قربه سعيا ومن بعده

جمعا غدا الحاجب الميمون قائده … والنصر والصبر والإيمان من مدده

لمثلها كنت يا منصور والده … ومثلها سيريك الله في ولده

أنجبته وسط روض الملك تظأره … بواسق للعلا تهتز في ثأده

أثمارها من جنى الجانين دانية … وورد زهرتها قد راق في نضده

فأرضعته ثدي الحرب في كلل … من القنا فوق مهد من شبا قصده

حيث تلاقت نواصي الخيل واعتنقت … صدور غيظ يذوب الصخر من وقده

سرى لأمرك لا ليل بواجده … على الحشايا ولا نجم بمفتقده

مجهزا في سبيل الله جيش هدى … السمع والطوع للمنصور من عدده

لمن بنى قبة العليا ندى ووغى … فأصبح الملك مرفوعا على عمده

مورث الملك من عليا تبابعه … والسيف من عمره والسيب من أدده

والنصر من سعي أعمام له فطروا … لنصر ذي العرش في بدر وفي أحده

مشددا عقد الإسلام إن نكثت … ولا تحل خطوب الدهر من عقده

وقائد الخيل مزجاة مجهزة … للحرب من صبره فيها ومن جلده

هاد هواديها والليل معتكر … بهدي من أرشد الإسلام في رشده

كم بين ليلك يا منصور تركضها … وليل مرتكض في لهوه ودده

ما صبح مصطبح في روضة أنف … من صبح من ينعم الإسلام في كبده

سار إلى غرة الأعداء يطلبها … إذا تقلب ساهي العيش في رغده

مسهدا في سبيل الله يكلأه … رب أنام عيون الدين في سهده

موف على كتدي طاوي الحزون به … والملك والدين والدنيا على كتده

تقصر الريح عن مسرى كتائبه … كما تقاصرت الأملاك عن أمده

بحور جدواه في الافاق زاخرة … وقد يزاحم هيم الطير في ثمده

شراب أنقع أجواز الفلاة إذا … ما كان شرب دم الأعداء من صدده

حتى يئود القنا في كل معركة … أودا يقيم قناة الدين من أوده

وينهب الموت أرواح الكماة كما … يبيح في السلم جدواه لمنتقده

حيث يعل أديم القرن من دمه … ويحتبي جسد الجبار في جسده

وتلحظ الشمس من أثناء هبوته … كما يغضغض جفن العين من رمده

لا يبعد الجود من يوم الجلاد ولا … يغيب يوم نداه يوم مجتلده

كأنه من دم الأعداء في حرج … فإن يمت ذو سلاح من يديه يده

ومغنفوه لديه أولياء دم … نداه ذو عقله فيهم وذو قوده

مساعيا كتبت في اللوح واكتتبت … فينا بسعي ابن يحيى واعتلاء يده

يخطها بصدور الخط منصلتا … في كل صدر حليف الكفر معتقده

وينثني في صفاح العجم يعجمها … بصفحتي كل ماضي الغرب متقده

والملك ينسخها في أم مفخره … والدهر يقرأها في منتهى أبده

راع الملوك فمخنوق بجرته … يهيم في الأرض أولاج إلى سنده

فتلك نفس ابن شنج لا مآل لها … من ميتة السيف أو عيش على نكده

ما يرتقي شرفا إلا رفعت له … وجها من روح مرفوعا على رصده

ولا انتحى بلدا إلا قرنت به … هما يبهمه عن منتحى بلده

وقد توجس من يمناك بمرقة … في عارض الطير من برده

جيشا إذا آد متن الأرض تعدله … بحلم أروع الحلم متئده

كالبحر تنسجه ريح الصبا حبكه … إذ ترقرق في من زرده

بحر سفائنه غر مسومة … والبيض والرايات من زبده

وجاحم من حريق لا خمود له … إلا ونفس وضج وسط مفتأده

كتائبا تركت عباد ملته … لا تعرف الأيام من أحده

إن ضاق عن مرها رحب الفضاء فقد … نفأت من فيها إلى كبده

فتت منها قواصي بنبلونته … هدم في عضده

وقدت منها مطاياه موقرة … كل رضيع قدر أو ولده

سما لهم رهج المنصور فانقلبوا … نجلا جلاه النار عن شهده

وراح كل منيع من معاقبهم … خلا الأسد من أسده

يرمي إلى الخيل والأبطال مفتديا … بكل الذعر في غيده

ثم اتقى أعين النظار ينقدها … من عينه كالحصى عدا ومن نقده

فرب ذي قنص زرق حبائله … قد صاد ظبيا وكان الليث من طرده

وقد تركت ابن شنج فل معترك … إن لم يمت من ظباه مات من كمده

مشردا في قواصي البيد مغتربا … وقد ملأت فجاج الأرض من خرده

وفرذلند رددت الملك في يده … وما رجا غير رد الروح في جسده

شبل دعاك لأسد فوقه لبد … فأقشعت عنه والأظفار في لبده

وطار نحوك سبحا في مدامعه … وقد تزود ملء الصدر من زؤده

ثم انثنى وملوك الشرك أعبده … إذ جاء عبد يد ألقى لها بيده

وآب منصور قحطان بعزته … أوبا تذوب ملوك الأرض من حسده

فالله ينقص من أعدائه أبدا … ويستزيد من الإسلام في عدده