روح شاعر – عبدالله البردوني

صافحتك القلوب قبل النواظر … و استطارت إلى لقاك الخواطر

و تلقّاك عالم اليمن الحرّ … كما لاقت النفوس البشائر

وارتمى يسكب التراحيب ألوا … نا كما تسكب اللّحون القياثر

و تملّت نزولك اليمن الخضرا … قاضت بالأغنيات الحناجر

و تنزّلت في معاني حماها … مثلما ينزل الشعاع المحاجر

و هفا الموطن الكريم يحيّي … مشعل العلم في سناك الباهر

و تغلغلت في حناياه كالإيمان … كالطهر في عفاف الضمائر

كالمنى في القلوب كالدم في الأبدان … كالسكر في دماغ المعاقر

قد تلقاك موطني ينثر الترا … حيب في راحتك نثر الجواهر

و انتشى من شعاعك العلم لمّا … زرت ” دار العلم ” يا خير زائر

وازدهى الشعر ينثر النغم الحلـ … و كما ينثر الربيع الأزاهر

قد رأى “موطني ” بمرآك ” مصرا ” … منبت الفنّ و الإبا و العباقر

مصر أم الحجار و اليمن الـ … سامي و أمّ الشآم أم الجزائر

وحدة العرب راية في رباها … و منى العرب في يديها وزاجر

شادها الله العروبة دارا … وابتناها بنيّرات الزواهر

بلدة تنبت العلوم و أرض … تلد المجد و العلا و المفاخر

نيلها المستفيض أنشودة الله … على مسمع اللّيالي العوابر

وحماها كنانه الله تر … مي في وجوه العدا السهام الثوائر

يابن مصر التي تلاقت عليها … شيم العرب و النفوس الحرائر

علمك العلم ينشر الدين في الدنيا … كما تنشر الشعاع المنائر

و تجوب الشعوب في خدمة الإسلام … و الحق و ارتباط الأواصر

إيه عزّام أنت وعي من النيل … إلى العرب تستثير المشاعر

و سفير تشيّد الوحدة الشما … و تستنهض السنا في البصائر

و تنادي البلاد للإتّحاد الحر … و الاتحاد أقوى مناصر

إن في وحدة العروبة مجدا … خالدا ثائرا على كل ثائر

إنّما العرب أمّة وحّدتها … لغة الضاد و الدما و العناصر

إنّما العرب أمّة هزّت الدنيا … و شقّت سود الخطوب العواكر

إنّ للعرب غابرا داس ” كسرى ” … و تمشّى على رءوس القياصر

فاستمدّي يا أمّتي من سنا الما … ضي معاليك واعمري خير حاضر

يأنف المجد أن يلاقي بنيه … في يدي غاصب و في كفّ آسر

فاطمحي أمّتي إلى كلّ مجد … وانهضي نهضة الصباح الباكر

يا سفير التضامن الحر غنّت … سعيك الحر أمنياتي الشواعر

و تلاشت على هوى العرب روحي … نغما ملهم الغنا و المزاهر

و نشيدا أفرغت فيه أحاسيسي … و ذاتي و خافقي و السرائر

فتلقّى يا شاعر النيل شعري … فهو شعر عنوانه ” روح شاعر “