رثاء جدتي – بدر شاكر السياب

أسلمتني أيدي القضا للشحون … إذ قضى من يردني لسكوني

و رمى سهمه بقية آمالي … فخرت صريعة من عيوني

وودعت أذنه توالي أنغامي … و آبت إلى الفناء لجوني

و هي كل ما خلف الدهر … من الحب و المنى و الظنون

و رجاء بدا فالهمني الص … فو و خفت أنواره لحنيني

قد فقدت الأم الحنون فأنس … تني مصاب الأم الرؤوم الحنون

كم تحملت في حياتك سقما … ود قلبي لو أنه يعتريني

تتلوين في مهاد المنايا … و تغيبين في عذاب الأنين

و تضجين بالدموع سجاما … و تطوفين في بحار السنين

ثم آب السفين بعد طواف … خاليا عودة الكسير المهين

تاركا في البحار عذب أغا … نيه لها بالمياه أي رنين

يا لها ليلة و قد عادت الر … وح إلى ربها و دنيا اليقين

فزعت كل مهجة لأساها وار … تمى الفكر فوق صدر الشجون

و انجلى الفجر حاملا بين … كفيه سعيرا عذابه يصليني

جاء بأخلفه نوى و بعادا … لا يرجى اللقاء فيه بحنين

رفعوا نعشها و نحن حيارى … و الدموع الغزار ملء العيون

أيها القبر كن عليها رحيما … مثلما ربت اليتامى بلين

أيها القلب هل تلام شمالي … و التي تفعل الذنوب يميني

لا تلمني فلست قد علم الله … أرد القضاء لو يأتيني

ولم الموت و الزمان الذي … يسلب ما ترتجيه غير صنين

جدتي من أبث بعدك شكواي … طواني الأسى وقل معيني

أنت يا من فتحت قلبك … بالأمس لحبي أوصدت قبرك دوني

فقليل عي أن أذرف الدمع … و يقضي علي طول أنيني

ليتني لم أكن رأيتك من … قبل و لم ألق منك عطف حنون

آه لو لم تعوديني على العطف … و آه لو لم أكن أو تكوني