ذراها إذا رامتْ معاجاً إلى الحمى – ابن عنين

ذراها إذا رامتْ معاجاً إلى الحمى … فقد هاجَ منها البرقُ داءً مكتَّما

أَضاءَ لنا من جانب الغورِ لامعٌ … يلوحُ بوادٍ بالدُجُنَّة ِ قد طَما

… زماناً مضى رغداً وعصراً تصرَّما

وأيامَ دَوحِ الغوطتين وظلَّها الـ … ظليلَ إِذا صامَ الهجيرُ وصمَّما

وروضاً إذا ما الريحُ فيه تنسَّمت … سحيراً تخالُ المندلَ الرطبَ أضرما

سقى اللّهُ ذاك الروضَ عني مدلّحاً … من السحبِ موشيَّ الجوانبِ أسحما

فكم قد قصرتُ الليلَ فيه بزائرٍ … تَجشَّم أهوالَ السُرى وتهجَّما

يخالسُ عينَ الكاشحينَ ومن يخفْ … عيونَ الكرى يركبْ من الليلِ أدهما

وكأسٍ حَباها بالحَبابِ مزاجُها … فألقى عليها المزجُ عِقداً منظَّما

كُمَيتٍ إِذا ما نلتُ منها ثلاثة ً … رأيتُ السما كالأرضِ والأرضَ كالسما

وغشّى على عينيَّ منها غشاوة … فلا أَنظرُ الأشياءَ إِلا توهُّما

وأهيفَ عسالِ القوامِ كأنهُ … قضيبٌ على دِعصٍ من الرملِ قد نما

تحمَّل في أعلاهُ شمساً أَظلَّها … بليلٍ وأبدى من ثناياهُ أنجما

وما كانَ يدري ما الصدودُ وإنما … تصدَّى له الواشونَ حتى تعلّما

فأصبحَ غيري يجتني شهدَ ريقهِ … شهيّاً وأَجني من تَجنّيهِ عَلقما

وخافَ على الوردِ الذي غرسَ الحَيا … بوجنتهِ من أنْ يُنالَ ويُلثما

فسلَّ عليه مرهَفاً من جفونهِ … وأرسلَ فيه من عذاريهِ أرقما

أُعظّمه مما أرى من جماله … كما عظّم القِسيسُ عيسى بنَ مريما

حلفتُ بربِّ الراقصاتِ إلى منى ً … ومَن فرضَ السبعَ الجِمار ومَن رمى

لما أَرَجاتُ الروضِ جاءَت بها الصَبا … سُحَيراً ولا الماءُ الزلالُ على الظَما

ولا فرحة ُ الإثراءِ من بعدِ فاقة ٍ … على قلب مَن ما نالَ في الدهرِ مغنما

بأحسنَ وجهاً من حبيبي مقطّباً … فكيفَ إِذا عاينتَه متبسما