ديوان الأسئلة – أديب كمال الدين

رؤيا

إذ أرى خفقةً

تهبطُ الآن في الريح تستنفر الذاكرةْ

خفقةً ناحلة

تسكنُ الصمتَ والتمتمةْ

أسألُ الفجرَ هذا الصديق العتيق:

ما الذي يعرف الطفلُ عن أمهِ أو أبيه؟

إذ أرى قُبْلةً هامدةْ

تسكنُ الليلَ بين الأصابع

مثل صرخات طفل بعيد

اسألُ الفجرَ هذا الصديق العتيق:

كم ترى تبعد الشمسُ عن ظلها؟

كم ترى تبعد الشمسُ عن

لغوها المختفي في الزرازير والنحل

والدخانِ، البنادق؟

كم ترى تبعدُ الشمسُ عن جرحها المستفيق؟

إذ أرى كلْمةً ناتئةْ

تختفي في سطور الدفاتر

كلْمةً ذات عينين قد صيغتا وحشةً داكنة

كلْمةً تحتفي وحدها بانتصاراتها القائظة

اشتكيها الزرازيرَ والنحلَ والفجر

والدخان، والبنادق

اشتكيها، إذن، خفقةً تسكن الصمتَ والتمتمة

أشتكيها، إذن أو أخاف

أن تظل الصديقْ.

.

عن الخطـوة

.

كم من جهدٍ يلزمني

كي أمسك أياماً راحلةً

كقطارٍ مسرع

أو مثل ظنون تتمطّى

كغطيط السكّير

كم من جهدٍ يلزمني

لأغني لونا ًآخر للقلب الأسود،

للقبعةِ المرميةِ في الريح

كم من جهدٍ يلزمني

كي أذكر شيئا ًمرّ هنا أحرق

كلّ الأشجار وبخّرَ منها الفجرَ وأعطى

أوراقَ الحبّ نشيدَ السكين

كي أنسى أنهاراً مرّت

وطيوراً قالت في أذني شيئاً،

أثداءً باركت النوم

كم من جهدٍ يلزمني

كي أبكي أو أضحك

كي أمسك كأساً من فرحٍ محموم

بيد ثابتةٍ وشفاه

كي أحرق أقنعتي في ليلٍ صافٍ كالثلج،

أخطو في فجرٍ أسود مجنون