ديار لربات الحجال مطالعُ – ابن شيخان السالمي

ديار لربات الحجال مطالعُ … على جانبيها تستهل المدامعُ

شموس تجلت في سماء ربوعهَا … على مُهُجات العاشقين مصارعُ

وقفت أناديها واشكو لها النوى … ومالي من صُمّ الجمادات سَامعُ

بها ظَبَيات تقنُص الأسد والنُّهى … مصائد بل للعَاشقين مصارعُ

تحمّلن من أكنافها فغدت لها … مواطن بطحاء الحمى فالأجارعُ

أأحبابَنا أوحشتم الدار والنهى … وطابت قلوب عندكم ومرابعُ

لكم في تدانيكم سرور وبهجة … ولي في تنائيكم أسىً وفجائعُ

وكل امرئ لم تكتنفه وقاية … تلاطفه من ربه فهو ضَائعُ

فهل تلكم الأيام منكم بأُنسهَا … وتلك الليالي المشرقات رواجعُ

يجول بقلبي ذكرها فيعود لي … زفير وتغشاني دموع هوامعُ

سلام على تلك الليالي وأُنسها … وأيامها من طيبها المسك ضائعُ

وحورية العينين مسكيّة الشذا … غزالية المرأى بها النور ساطعُ

خلوت بها في ليلة برمكيّة … وأنجمها لي أعينٌ ومَسامعُ

شريتُ بعمري كله ليلَ وصلها … فيا ربح مَشريٍّ بما أنا بائعُ

ولاحت بعيني أنجم السعد والربى … وفاحت من الشِعرى العبور بضائعُ

كأن الدجى روض وزُهْرُ نجومِها … أزاهير والجوزا ليالي لوامعُ

كأن شذا الروضات إذ مرَّت الصَّبا … رسول وأضواء النجوم شرائِعُ

كأنَّ شذا الأزهار سكر وعندها … عَطايا وَهَاوٍ مضغط ومسَارعُ

كأن انبلاج الصبح في طرف الدجى … صَحائف تنبي أنه جادَ ماتعُ

فتى راشد مَن همُّه طلبُ العلا … ومسعَاه في درك الكمالات شائِعُ

هُمام بدا في وجهه رونق الحيا … ففاض وأفضى فهو للفضل جامعُ

عزيز سريع بِرُّهُ متتابع كبير … رفيع قدره متواضعُ

له في فلاس هَامُهَا وسنامها … وصدرُ دبي والذرى والجوامعُ

لطيف الحواشي طيب خلقاته … يلوح كمثل السيف حلاَّهُ صَانعُ

يجلل أهل العلم والفضل والتقى … ويرفعهم والفضل للمرء رافعُ

ومن خلقت من طينة الخير ذاته … يقوم له هادٍ من الله تابعُ

ومن لَطُفت أخلاقه كان في الورى … حبيباً وأمسى فيهم وهو شائِعُ

ومن كان مسعَاه الهُدى واجتهاده … تلقاهُ توفيق من الله ضارعُ

يناديه أن سَالت أياديه بل جرى … على الناس واديه فعمت منافعُ

ترى الناس شتى في الحوائج عنده … فذا سائر عنه وذلك راجعُ

فذا قاصدٌ عزّاً وذا واردٌ ندى … وذا مشتكٍ دهراً وذلك جازعُ

فيقضى بما شاءوا اهتماماً ومنةً … وفضلاً وهذا دأب من هو نافعُ

وللقول فعّال وللأمر نافذ … وللثقل حمّال وبالحق ضارعُ

له رحلة للهند طال قيامه … وجاء كمثل البدر غذ هو طالعُ

وعمَّت دُبيّاً بهجةٌ بقدومه … وأبدت سروراً في لقاه المدافعُ

وكان صديقاً لي يلاحظ جانبي … ويبسط صدراً منه لي وهو واسعُ

فألبسته هذا الثناء قلائِداً … حقائقها وُدٌّ من القلب ناصعُ

فلا زال محفوظ الجناب معمَّراً … طويل الندى إحسانه المتتابعُ

ولا زال فرع منه يتبع أصله … ويسلك منهاج العلا ويسَارعُ

ولا زال إخوانٌ له في كرامة … يطالعهم لطف من الله بارعُ

فتى راشد حُزْتَ الصفا بشروطه … له في رقاب النازلين صنائِعُ