دمنٌ ألمَّ بها فقالَ سلامُ – أبو تمام

دمنٌ ألمَّ بها فقالَ سلامُ … كَمْ حَلَّ عقْدَة َ صَبْرِهِ الإِلْمَامُ 

نُحِرَتْ رِكَابُ القَوْمِ حتَّى يَغْبُرُوا … رَجْلَى ، لقَدْ عَنُقُوا عليَّ ولامُور

عَشِقُوا، ولارُزِقُوا، أيُعذَلُ عاشِقٌ … رُزِقتْ هواهُ معالمٌ وخيامُ؟

وقفوا عليَّ اللومَ حتى خيَّلُوا … أنَّ الوُقُوفَ على الديَارِ حَرَامُ

ما مَرَّ يَوْمٌ واحِدٌ إلاَّ وفي … أحشَائِهِ لِمَحلَّتيْكِ غَمَامُ

حتى تعمَّمَ صُلْعُ هاماتِ الرُّبا … مِنْ نَوْرِهِ وتَأزَّرُ الأهْضَامُ

ولقدْ أراكِ، فهل أراكِ بغبطة ٍ … والعَيْشُ غَضٌّ والزَّمانُ غُلاَمُ؟

أعوَامَ وَصْلٍ كانَ يُنْسِي طُولَها … ذكْرُ النَّوَى ، فكأنَّهَا أيَّامُ

ثُمَّ انْبَرَتْ أَيَّامُ هَجْرٍ أَردَفَتْ … بِجَوى ً أَسى ً، فكأنَّها أعْوَامُ

ثمَّ انقضتْ تلك السنونُ وأهلُها … فكأنَّها وكأنَّهُمْ أحلامُ

أتصعصعت عبراتُ عينكَ أن دعتْ … ورقاءُ حين تصعصعَ الإظلامُ.؟

لاتَنشِجَنَّ لَها فإنَّ بكَاءَها … ضَحِكٌ، وإنَّ بُكَاءَكَ استِغْرَامُ

هنَّ الحمامُ فإن كسرتَ عيافة ً … منْ حائهنَّ فإنَّهنَّ حمامُ

اللَّهُ أكْبَرُ جَاءَ أكبرُ مَنْ جَرَتْ … فَتَحَيَّرَتْ في كُنْهِهِ الأوهَامُ

من لا يحيطُ الواصفونَ بقدرهِ … حتى يقولوا قدره إلهامُ

مَنْ شَرَّدَ الإعدَامَ عَنْ أوطانِه … بالبَذْلِ حتَّى استُطْرِفَ الإِعدَامُ

وتَكَفَّلَ الأيتَامَ عَنْ آبَائِهِمْ … حتَّى وَدِدْنَا أَنَّنا أيْتَامُ

مُسْتَسْلِمٌ للَّهِ، سَائِسُ أُمَّة ٍ … لِذَوِي تَجَهْضَمِها لَهُ استِسْلاَمُ

يَتجَنَّبُ الآثَامَ ثُمَّ يَخَافُها … فكأنَّما حسناتُه آثامُ

يأَيُّها المَلِكُ الهُمَامُ وعَدْلُه … ملكٌ عليه في القضاءِ همامُ

ما زالَ حكمُ اللهِ يشرقُ وجهه … في الأرضِ مُذْ نِيطَتْ بكَ الأحكامُ

أسرتْ لكَ الآفاقَ عزمَهُ همة ٍ … جُبِلَتْ على أنَّ المَسِيرَ مُقَامُ

إلا تكنْ أرواحُها لكَ سُخِّرتْ … فالعَزْمُ طَوْعُ يَدَيْكَ والإِجذَامُ

الشَّرْقُ غَرْبٌ حِين تَلْحَظ قَصْدَه … ومخالفُ اليمنِ القصيّ شآمُ

بالشدقمياتِ العتاق كأنَّما … أشباحُهَا بَيْنَ الإِكامِ إكامُ

والأعوجيات الجيادِ كأنَّها … تهوي وقد ونت الرياحُ سمامُ

لما رأيتَ الدينَ يخفقُ قلبُه … والكفرُ فيهِ تغطرسٌ وعرامُ

أوريتَ زندَ عزائمٍ تحت الدجى … أسرجنَ فكركَ والبلادُ ظلامُ

فنهضتَ تسحبُ ذيل جيشٍ ساقهُ … حُسْنُ اليَقِين وقَادَهُ الإِقدَامُ

مثعنجرٍ لجبٍ ترى سلافهُ … ولهم بمنخرقِ الفضاء زحامُ

مَلأَ المَلا عُصَبَاً فكادَ بأنْ يُرَى … لاخَلْفَ فيهِ ولا لَهُ قُدَّامُ

بِسَواهِمٍ لُحُقِ الأياطِل شُزَّبٍ … تَعلِيقُها الإسراجُ والإِلجَامُ

ومقاتلين إذا انتموا لم يُخزهمْ … في نصرِكَ الأخوالُ والأعمامُ

سفعَ الدؤوبُ وجوهَهُم فكأنَّهمْ … وأبوهُمُ سامٌ أبوهُمْ حامُ

تخذوا الحديد من الحديد معاقلاً … سكأنها الأرواحُ والأجسامُ

مسترسلين إلى الحتوفِ، كأنما … بينَ الْحُتُوفِ وبَيْنَهمْ أرحامُ

آسّادُ مَوْت مُخْدِراتٌ مَالَها … إلا الصوارمَ والقنا آجامُ

حتَّى نَقَضْتَ الرُّومَ مِنْكَ بوَقْعة … شَنعاءَ لَيْسَ لِنَقْضِها إبْرَامُ

في معركٍ أما الحِمامُ فمفطرٌ … في هَبْوَتَيْهِ والكُماة ُ صِيَامُ

والضَّرْبُ يُقْعِدُ قَرْمَ كل كَتِيبَة ٍ … شَرِسَ الضَّريبة ِ والْحُتُوفُ قِيامُ

فَفَصَمْتَ عُرْوَة َ جَمْعهم فيه وقَدْ … جَعَلَتْ تَفَصَّمُ عَنْ عُرَاها الهَامُ

ألقوا دلاءً في بحوركَ أسلمتْ … تَرَعاتِها الأكرَاُ والأوذَامُ

ما كانَ للإشراكِ فوزة ُ مشهدٍ … واللهُ فيهِ وأنتَ والإسلامُ

لما رأيتهُمُ تساقُ ملوكهمْ … حِزَقاً إليكَ كأنَّهُمْ أنعَامُ

جَرْحَى إلى جَرْحَى كأنَّ جُلُودَهُمْ … يطلى بها الشيانُ والعلامُ

مُتَسَاقِطي وَرَقِ الثيَابِ كأنَّهُمْ … دانوا فأحدثَ فيهم الإحرامُ

أكرَمْتَ سيفَكَ غَرْبَه وذُبَابَهُ … عنهمْ وحقَّ لسيفك الإكرامُ

فرددتَ حدَّ الموتِ وهوَ مركبٌ … في حدهِ فارتدَّ وهوَ زؤامُ

أيقظتَ هاجعهمْ وهلْ يغنيهمُ … سَهَرُ النَّواظِرِ والعُقُولِ نيامُ 

جحدتكَ منهم ألسنٌ لجلاجة ٌ … أقرَرْنَ أنَّكَ في القُلُوبِ إِمَامُ

إسلمْ أميرَ المؤمنينَ لأمة ٍ … نتجتْ رجاءكَ والرجاءُ عقامُ

إنَّ المكارمَ للخليفة ِ لمْ تزلْ … واللهُ يعلمُ ذاك والأقوامُ

كُتِبَتْ لَهُ ولأوَّليهِ وراثَة ً … في اللَّوْحِ حتَّى جَفَّتِ الأقلامُ

مُتَوَطئُو عَقِبَيْكَ في طَلَبِ العُلاَ … والمَجْدُ ثُمَّتَ تَسْتَوي الأقْدَامُ