خليَليَّ هبَّا هذه نسمة الحمى – ابن شيخان السالمي

ّخليَليَّ هبَّا هذه نسمة الحمى … سرت سَحَراً تشفي القلوب من الظما

تذكرنا الغيدَ الحسَان وما مضى … من العهد والذكرى تشوق المتيما

تعجلنا نحو الحبيب وإنما … قُصارى الفتى النائي الرجوع إلى الحمى

مَسَكْنا دموعاً أن تذوب من الهوى … وسرّاً بألفاظ الدموع مترجما

زمان الصبا أنت الزمان وما عدا … أُويقاتك الغراء ليلٌ تجهّما

ولي نشوة لم أصحُ منها وإن بدا … بليل شبابي نورٌ شيب فأنجَما

وإني بحبّ الغانيات لمولَع … ونفسي تأبى أن تنال المحَرّما

وإني لمصدوع الفؤاد بصدمة … البِعاد وتذكاري زماناً تقدّما

تميزتُ من بين المحبين بالوَفا … وفزتُ من الأحباب باللّثم للُّمى

وكلفت نفسي حمل كل شديدة … وذقت أمور الدهر أرياً وعلقما

أخوض سراب البر نجداً ووهدةً … وأفري سنام البحر أوهدَ أو طمَى

فيوماً شددنا من صحارٍ وحالنا … عصيراً وغادرنا الشمال ميمّما

حقائبنا مملؤةُ الشكرِ والثنا … على من علينا بالمواهب أنعما

ووادي حتى قد قطعنا وكم بدا … لنا من عجيب في عجيب محزما

وسرنا على ذات اليمين جوانبَ … الشمال وجئنا نبتغي الوصل مغتما

وهاجرةً من أم جيوين سيرنا … على الرجل براً كاد يقتلنا الظما

بذلنا نفوساً آيسات من البقا … فأدركها الرحمان من لطفه بما

مدحنا مسيراً للشمال وقد غدا … إلى أم جيوين المسير مذمّما

عرفت غطاريف الشمال ورضتهم … وكنت خبيراً بالرجال مُعلّما

فلم أرَ أسخى في الورى مثل آل بو … سعيد ولا أحنى ولا كان أكرما

وأحمد فيهم ىل أحمد أنهم … ملوك تجلّوا في سَما الفضلِ أنجما

كأن العلا والمجد قال لقطبها … فتى أحمد فاصعد فدونَك سُلّما

إذا ما مشى الشهم الهمام محمد … حسبت هلال الأفق خرَّ من السَّما

فتى ملأ الأُسد الضواري مهابةً … وأوسع أرجاء البسيطة أنعما

فما البدر إلا مِن سناه تقسَّما … وما البحر إلا من نداه تعلما

يمين به أفضلت على الخلق يُمنَها … فعاشوا كانَّ الرزق منها تقسَّما

وسيف له لو كان دام مجرَّدا … بحق لما أبقى على الأرض مجرِما

وكفٌّ له لو طاف بالأرض رزقها … لفيض الغنى لم يُبق في الأرض مُعْدِما

إذا ذكروا أهل الفضائل والنهى … وأهل العُلا والمجد كان المقدما

وفي الحالتين الحرب والسلم دائماً … تراهُ إذا ما جئته متبسما

فلم يأته الانسان إلا موفّقاً … ولم يمضِ عنه المرءُ إلا مكرما

رجعت إليه من بعيد مسلِّماً … وحُقَّ لمثلي أن يكون مسلِّما

وفاض لنا عند المسير نواله … ونرجوه حقاً للجميل متمما

فلا زال غيثاً في البرية هامياً … ولا زال ليثاً في الكتيبة مُعْلَما

ولا برحت دهراً صحار بفضله … مزخرفة حَسناء تعنو لها الدُّمى

أما إنه للناس لا زال سيّداً … وكل الديار العامرات لها إمَا

حوائج عن تحصيلها قصَّرت يدي … وبالفضل منه أن تطول وتغنما

نداهُ غدا بدءاً وخاتمة لنا … ومَنْ أحسنَ الإبداءَ زاد المُختمّا