حُثَّ الكؤوسَ وَلا تُطِعْ منْ لاما – ابن سهل الأندلسي
حُثَّ الكؤوسَ وَلا تُطِعْ منْ لاما … فالمزنُ قد سقتِ الرياضَ رهاما
رقَّ الغمامُ لما بها إذ أملحتْ … فغدا يُريقُ لها الدُّموعَ سِجاما
و البرقُ سيفٌ والسحابُ كتائبٌ … تبدي لوقعِ غراره إحجاما
والدَّوح مَيّادُ الغُصونِ كأنَّما … شربَ النَّباتُ من الغمام مُداما
و الزهرُ يرنو عن نواظرَ سددتْ … لَحَظَاتُهُنَّ إلى الشُّجونِ سهاما
هُنَّ الكواكبُ غيرَ أن لم تستطِعْ … شمسُ النهارِ لضوئها إبهاما
تُثْني على كَرَمِ الوليِّ بنفحة ٍ … عن مِسْكِ دارينٍ تَفُضُّ خِتاما
فكأنَّما غضَّ الحياءُ جُفُونَها … إذْ لا تقومُ بشكرها إنعاما
خِيْرِيُّهَا يُخْفي شَميمَ نسيمه … لنهارهِ ويبيحهُ الإظلاما
فكأنما ظنَّ الدجنة َ نفحة ً … فبدا يعارضُ عرفها البساما
أو كالكعابِ تبرَّجَتْ لخليلها … في الليلِ، وارتقبتْ له الإلماما
فإذا رأتْ وجهَ الصباحِ تسترتْ … خوفاً وصيَّرت الْجُفونَ كِماما
تُهْدِي الصَّبا منها أريجاً مثلما … يُهْدي المحبُّ إلى الحبيبِ سلاما
فكأنَّها نَفَسُ الحبيب تضوُّعاً … و كأنها نفسُ المحبَّ سقاما