حي المغاني بين البان والعلم – محمد حسن أبو المحاسن
حي المغاني بين البان والعلم … ففي المغاني معاني الحسن والكرم
يهيج برح الصبا للمستهام صباً … في نشرها بشر قرب الركب من اضم
اراق بعدي لهم عيش فبعدهم … اراق فيض دم من دمعي السجم
ان السهاد نفى جسمي ضناً فغدا … يحكي السهى دنفاً في حب بدرهم
اتملك العين من عين الظبا نظراً … ودونها الاسد تسطو بالضبا الخذم
ريم الصريم إذا رمت العقيق ففي … عقيق دمعي غنى عنه فلا ترم
في وجهك ابن ابي سلمى وبهجته … وفي لواحظك الوسنى ابو هرم
ضل الفؤاد فظل الجسم حلف ضني … فالجسم في مرض والقلب في ضرم
اني ابحت دمي عمداً فلا قود … عليهم في الهوى اني ابحت دمي
رأيت جورهم عدلا وهجرهم … وصلا وذلي عزاً في ودادهم
صبري وجسمي وطرفي والفؤاد أسى … واه نحيل غزير الدمع في الم
يفك كل أسير في بيوتهم … الا أسير جفون من ظبائهم
فليت شعري أوجد أم لهيب غضاً … ما أودعوه فؤادي يوم بينهم
يهيج لي عاذلي في ذكرهم طرباً … فالعذل أحسن في سمعي من النغم
وصاحب لامني لما رأى كلفي … لو ذقت طعم الهوى يا صاح لم تلم
يزيد طبع الفتى في الحب طيب شذى … كما تضوعت الأزهار بالنسم
مخضت رايك واستجمعت زبدته … ولست عندي على راي بمتهم
فجئت بالنقض والإبرام منتقياً … من الحجى أفصح الالفاظ والكلم
وقد تبوأ منا واحد رشداً … فكل إذا شئت أمرينا إلى حكم
حاشا الهوى وهو علق ان تفوز به … نفس العذول الغبي الساقط الهمم
إني رأيت كرام الناس في تعب … وأنت من تعب العلياء في سلم
هم اسعروا مهجتي ناراً فخضت بها … في بحر عشق بموج العشق ملتطم
والحب أوله حلو وآخره … مرّ ولذته تفضي إلى ندم
لا والهوى وليالينا التي سلفت … ما حلت من عهدكم يا جيرة العلم
ان ابق بعدكم حيا فلا عجب … بقيت لكن لطول الحزن والالم
ان أومض الخال من شرقي كاظمة … حكاه دمعي بمنهل ومنسجم
قالوا الصبابة سقم لا شفاء له … قلت الوصال شفاً من ذلك السقم
قالوا سلوت فقلت العيش بعدكم … قالوا الفت فقلت النجم في الظلم
كأن جسمي وقطر الدمع بغمره … سلك يلوح بدرّ فيه منتظم
اغني بجوهر دمعي ناظري على … اني من الصبى في فقر وفي عدم
دعني ارق نسقا دمعي فلا بدل … منهم وان منعوني نيل عطفهم
وربما شب في الاحشاء جمر غضاً … جنح الدجى ذكر جيران بذي سلم
طالت ليالي النوى حزناً كما قصرت … من المسرة لي أيام وصلهم
فما لليل النوى صبح يلوح وهل … في الصبح لي راحة من لاعج الالم
كم صابرت همتي صرف الزمان ولم … تضعف وصرف النوى أو هي قوى هممي
يا نفس جرعتني مرّ الغرام بهم … حتى اريق باسياف الجفون دمي
والصبر كان حميما لي فاسلمني … غدراً فكابدت أشجاني بغير حمي
يا قلب هل لك ان يمحو الضلال هدى … بمدح خير البرايا سيد الأمم
طه ابي القاسم الهادي البشير رسو … ل الله صفوة عبدالله ذي الكرم
زاكي النجار كريم الطبع متصف … بالجود والباس والعلياء والعظم
الباذخ الهمم ابن الباذخ الهمم … ابن الباذخ الهمم ابن الباذخ الهمم
منزه الذات عن نقص يلم بها … قد هزبت واصطفاها بارئ النسم
عظيم خلق به الخلق اهتدى رشداً … متمم كرم الاخلاق والشيم
سامي المعارج مهدي المناهج قض … اء الحوائج غوث الناس في الازم
ونور قدس حباه النور من شرف … بالنور يهدي سبيل الرشد كل عمي
ان كان آنسي موسى النار من بعد … فالمصطفى آنس الأنوار من أمم
إن كان أحيى المسيح الميت معجزة … فذكر أحمد يحبى بالي الرمم
الناطق الفصل في قول يضمنه … براعة البالغين الحكم والحكم
غيث المؤمل غوث المستجير به … هادي الأنام سبيل الواضح اللقم
فاق البرية في خلق وفي خلق … وعمهم كرماً بالنائل العمم
فجوده البحر في اسداد عارفة … وعلمه البحر يلقي جوهر الكلم
سقى رياض الأماني جود راحته … محاً فازهرن بالالاء والنعم
ومثله فليرجي المرتجون وهل … يرجى مثيل لذاك المفرد العلم
مسترشد رشاد مستنجد نجد … مسترفد رافد مستمجد شهم
محمد المصطفى اصفاه خالقه … بالحمد في اشرف الايات والكلم
رسول صدق عن الارشاد لم يرم … يوماً وغير رضا باريه لم يرم
لو كان في الرسل من في الفضل بشركه … ما خصه الله بالمعراج والعظم
فآدم قد حوى فضل السجود به … ونال عفواً به عن زلة القدم
وفيه قد رجعت نار الخليل له … برداً فنال رغيد العيش في الضرم
سمح يحقق آمال النفوس فما … يخيب راجيه من لطف ومن كرم
فللجناة لديه عفو مقتدر … وللعفاة لديه جود مبتسم
اسماؤه وصفت افعاله فغدت … من الجلالة تتلوا أحرف القسم
هو المؤمل في الدنيا المشفع في … الأخرى فلذ وتمسك فيه واعتصم
عزت به العرب وانقاد الزمان لها … واصبحت تخضع التيجان للمم
إذ قام مضطلعا بالأمر مفترعاً … عزاً تقاعس عنه كل معتزم
في السلم يحيى بعذب الجود ذا آمل … في الحرب يردي بمر البأس ذا اضم
بعزم أروع سامي الهم منصلت … ورفد ابلج طلق الوجه مبتسم
واستل من عزمه عضب الغرار ارمضا … غرباً وشرقاً فبادت دولة الضم
واشرقت انجم التوحيد محدقة … منه ببدر هدى يجدو دجى الظلم
نبوة حاولوا اخفاءها فبدت … ان الشموس سناها غير منكتم
كأن شرعته ضوء النهار جلت … من الضلالة ليلا حالك العتم
من صفو اخلاقه سلسال كوثره … جرى بصفو معين سائغ شبم
فشكره والثنا والاجر مغتنم … في خير مغتنم في خير مغتنم
ما نال من عرض الدنيا وقد عرضت … كنوزها رغبة عنها ولم يرم
إذا لجأت إليه فاشتكيت له … بؤساً أمنت وزال البؤس بالنعم
يغزو العدا بموادي الخيل حاملة … غلب الأسود أسود الحرب لا الأجم
بالظلم يجزي العداة الظالمين له … وظلمه العدل في تاديب مجترم
وتخجر البيض من ماضي عزائمه … إذا انتضاها فتكسى حمرة العنم
يقسم السمر والبيض الرقاق لهم … فللصدور القنا والبيض للقمم
وقلبه للتقى والذكر منقسم … وكفه الندى والسيف والقلم
مآثر قصرت عن دركها ونبت … أوهام كل بليغ بارع فهم
حلم تخف الجبال الراسيات به … رزانة وندى يربى على الديم
لو شاء ان يجعل الدنيا لساكنها … دار الخلود نجت من سطوة العدم
فيومه الدهر وهو الخلق قاطبة … بل كان علة خلق الكون في القدم
صلى عليه اله العرش ما تليت … ايات فضل له في نون والعلم
وآله الغر اصحاب العباء ومن … قد بأهل المصطفى اعداءه بهم
هم بعده خير خلق الله شرفهم … على الورى قبل خلق اللوح والقلم
هم الخضارم فارشف در عرفهم … خضر وامالنا بيض برفدهم
المغمدون الضبا في كل معترك … حيث الحجى ومناط البيض واللمم
بدور حسن إذا ما اشرقوا عكسوا … ضوء البدور بغر الأوجه الوسم
فالزهر تشرق والأزهار تعبق عن … شذاهم وسناهم فانتشق وشم
تارجوا فطوى الافاق ذكرهم … نشراً به ضاع عرف المسك في الأمم
ما البارد العذب معلولا لذي ظمأ … احلى واعذب من تكرير ذكرهم
ألو الكمال ملاك العلم حكمهم … عدل ولمع هداهم ساطع العلم
غطارف عرفوا بالعرف واتصفوا … بالفضل والشرف الموفي بفخرهم
لا عيب فيهم سوى التقوى وانهم … مصالت خشن في ذات ربهم
كم أوضحوا سننا كما اسبغوا منناً … وكم جلوا حزناً عنا ببشرهم
وقد بسطت وخير القول اصدقه … لسان صدق عليا في عليهم
ففي علي أمير المؤمنين ذكا … فكر وفي مجده قد رق منتظمي
وزيره وأخوه دونهم وابو … سبطيه فخر به قد خص في القسم
قسيم طه علا لولا نبوته … وفي الامامة فضل غير منقسم
لم يأل شرعة طه جهد منتصر … بساعد ولسان ناطق وفم
مضاء ذي لبد مستبسل نجد … وحكم ملتزم بالعدل معتصم
فسيفه جدول يجلو الفرند به … روضاً سواه سوام الحتف لم تسم
وردت في حبه العذب الزلال ولم … اخدع بلمع سراب من اتاه ظمي
وبالامام الهمام المرتضى علقت … يدي فلاح فلاحي وانجلت غممي
وصحبه النجب المحيين سنته … احياء نبت الربى بالوابل الرذم
صيد جحا جحه قد طاب فرعهم … ففرعهم معرب عن طيب اصلهم
تمضي الصوارم أيديهم إذا كهمت … وفي النزال قرى العقبان والرخم
هم المحاريب ان صالوا بيوم وغى … صلت سيوفهم في ارؤس البهم
بكل اهيف لدن القد منعطف … يرنو بازرق مشغوف بكل كمي
لا يخلفون لباغي الخير موعده … وربما اخلفوا الميعاد بالنقم
يا أرض طيبة قد طلت السماء علا … بالمصطفى فاشكري النعماء واغتنمي
قد ضم تربك وهو المسك جوهرة … قد ابدعتها يد الالطاف والحكم
دوح بها يشرف الروح الأمين على … غر الملائك إذ يدعى من الخدم
كانك الجنة الفردوس واصفة … جنان خلد وما فيهن من نعم
فهل تنال مناها النفس ثانية … بزورة فيحل الأنس بالحرم
يا سيدي لي حاجات عنيت بها … وأنت أكرم مامول وملتزم
وسائل البر إن كانت وسائله … إلى الكريم أصاب النجح من أمم
ومذ غدوت شفيعا للأنام غدا … لواء حمدك منشوراً على الأمم
قد كاثرتني ذنوبي فالتقيت بها … بجيش هم على الأحشاء مزدحم
والنفس كالتبر تستصفي شوائبها … نار الهموم فترقى باذخ الهمم
جعلت مدحك لي ذخراً ومعتصما … فاقبل مديحي يا ذخري ومعتصمي
فصار قد حي المعلى وانجلت غممي … وسار مدحي المحلى واعتلت كلمي
وقيمة المرء ما قد كان يحسنه … وفي مديحك ما تغلو به قيمي
ورب قول يحلي السمع جوهره … ورب قول يروع السمع بالصمم
محمد بك اضحى ظنه حسناً … يا معدن اللطف والاحسان والكرم
حقق رجائي واشفع لي فقد علقت … يدي بحبل رجاء غير منفصم