حوريات الفردوس – أديب كمال الدين

(1)

تلمّستُ دمعتي: صادقةً كصاد، كقاف

تلمّستُ طفولتي: عارية ًكثياب شحاذ

وتلمّستُ أزمنتي: زمهرير آب.

(2)

تلمّستُ عريي: هباءاً منثوراً

تلمّستُ هبائي: حفنةً من نساء

وتلمّستُ نون نسوتي: حفنةً من تراب.

(3)

تلمّستُ ترابي

فكان قسيم النار معي وأمامي

قدّامي، وسط حروفي

وجلستُ، تلمّستُ ماضيي

فرعبتُ من بياضِ لحيتي

واتساعِ خرقتي

وقلّةِ حيلتي.

(4)

تلمّستُ فصولي

يميناً كيمين

وشمالاً كشمال

وما لا يجيء قد لا يجيء

وما لا يُرى قد يُرى

فخرجتُ من جسدي

ميتاً في زيّ حي

وحيّاً في تابوت ميت.

(5)

تلمّستُ فراتي فكان غريباً

تلمّستُ غربتي: بحراً من الظلام

وتلمّستُ ظلمتي، فوقعتُ في شقّ قبري.

(6)

وتلمّستُ قبري دافئاً كإصبع طفل

والتراب منه يسّاقط بالعبث

يسّاقط بالفرح

أنا الذي بصمتُ حاءَ الفرح

وحاءَ الحرية والحنين والحبّ

أجلسُ قرب قبري

ألعبُ بطيور بيض

أنام وأصحو

أدخلُ وأخرج

أبتسمُ وأرتجف

وطيوري تحلّق حول قبري

حروفاً من نور.

(7)

تلمّستُ جدّي:

أعنّي على بلواي

صرختُ: أعنّي على طفولة حبّي

وصيحات جسدي

أعنّي على غربان ليلي وهشيم حروفي

أعنّي على جفاف حلقي وهباء يومي

تلمّستُ جدّي دهراً فدهراً

حتّى سجدتُ على بابِ جهنم

وأنا أتنفّس حوريات الفردوس.