حوارية المعنى – أديب كمال الدين

(1)

إذ هبّتْ غاباتُ السيفِ وطوّقت الصحراء

إقترب الحاءُ من القافِ، فقال القاف:

مرحى للشهداء

قال الحاءُ: اكونُ شهيداً؟

قال القاف:

أوّلهم أنتَ وسيّدهم

لكَ أن تتخلّد في أزمنتي..

أن تدخل دهري الأعمى.

(2)

بدمي أطهو الكلمات وأخرجُ حرفي فرحاً..

لأوزّعه في السرّ على أطفالي

لكنّ الخيبة تأسرني في منتصف الليل

وتعصّب عينيّ وتوقفني قدّام الموت حثيثاً

فأرى مائدة دمائي تزهو في الغيمات

والعشب يثرثر في أقدامي فجراً من كلمات.

(3)

لا معنى يولد إلاّ من موتي

لا معنى يزهو إلاّ في قتلاي.

(4)

في حلمي لمستني كفّكَ يا جدي..

فبكيتُ رأيتُ الكفّ تشيرُ إلى حاء الرأس..

المرفوعِ على الرمح

لكني بعد معاشرة الأفعى ومجالسة الذئب..

وجدتُ الحاءَ هنا حاء الرمح

لا حاء الماء.

(5)

للخيبةِ وقعُ سلاسل، للخيبةِ ترجمةُ رسائل قتلى..

للخيبةِ حتّى

فعلامَ نؤسس مسرحكَ الأرضي..

ونأخذُ بالأبعد والأدنى؟..

فعلامَ وجنحكَ يمتدّ ويمتدّ وبحرك

أكبر من دائرة الأفعى؟

وعلامَ تلاحقُ موتي وأنا الأعمى؟

(6)

وقعتْ سينُ سمائي..

في سين الرأس، اهتزّ دمي..

بانَ عمودُ الصحراء عميقاً

واقتربتْ مني ريحُ العرش.

(7)

سأكون قريباً من إيقاعكَ يا فجراً

يُحْملُ فوق الرمح

سأكونُ الراء، أنا الراء

منذ طفولة أمطار المعنى في قلبي

وأكونُ الألف، أنا الألف

منذ شروق الشمس إلى غيبوبتها المرّة..

وسط الأمطار..

سأكونُ السين، أنا السين

منذ مجيء الهدهد من سبأ الناس.