تُذَكَّري حينَ يزِفُّ الضُحى – الياس أبو شبكة
تُذَكَّري حينَ يزِفُّ الضُحى … عَلى جُفونِ البشرِ الراقِده
مروَّعاً يَفتحُ قَصرَ الضيا … أَمام شَمس النُهُرِ العائِدَه
تذكَّري وَاللَيلُ في حُلمِهِ … مُستَجمعاً أَفكارَهُ الشارِدَه
منثنياً خلفَ رداءٍ لَهُ … قَد فَضَّضَتهُ الأَنجمُ الساهِدَه
وَإِن تَرَي صَدرَكِ في خلجَةٍ … لَدى نِداءِ اللَذَّةِ الواجِده
وَالظِلُّ يَدعوكِ إِلى لَذَّةِ … الأَحلامِ في لَيلَتِهِ الهاجِدَه
أَصغي إِلى أَنغامِ صَوتِ الهَوى … من غابَةِ الحُبِّ سَمَت صاعِدَه
هامِسَةً فيكِ اِذكُري حُبَّه … في كُلِّ لَيلٍ مَرَّةً واحِدَه
تَذكَّري حينَ صروفُ القضا … تفرقُني عَنكِ السنينَ الطِوال
وَعِندَما حُزني وَأَعراضُهُ … تدِبُّ في قَلبي ذبولَ الهَزال
تذكَّري حُبّي وَآلامَهُ … تَذكَّري وَحيي أَمامَ الخَيال
وَمَوقِفَ التَوديعِ في ساعَةٍ … كانَ لَه صمتٌ مُهيبُ الجلال
لا البعدُ في أَوصابِهِ وَالأَسى … وَلا الثَواني في طَريقِ الزَوال
تُنسيكِ تذكاراتِ حُبٍّ مَضى … مُضِيَّ أَشباحٍ بِماءٍ زُلال
ما زالَ قَلبي خافِقاً في الهَوى … وَقد تَمَشّى فيهِ داءٌ عُضال
لا يَنثَني يَهمس فيكِ اِذكُري … فَالذكرُ جزءٌ من لَذيذ الوصال
تذكَّري يَومَ أُلاقي الفنا … في ذي الحَياةِ الرثَّةِ البائِده
يَومَ فُؤادي مُثقَلاً بِالأَسى … ينامُ في حفرِتِه البارِدَه
تذكَّري إِمّا تَري فَتِّحَت … عَلى ضريحي الزهرةُ الزاهِده
فَفي زهورِ الحَقلِ طهرُ الهَوى … ما لامَسَته نفحَةٌ فاسَدَه
لَن تنظُرني بَعدُ في مَوضِعٍ … فَهذِهِ الدُنيا غَدَت جاحِدَه
سَوفَ كَأختٍ صادِقٍ حُبُّها … تَرعاكِ دَوماً نَفسيَ الخالِدَه
أَصغي إِلى صَوتٍ دَوى في الدُجى … أَنينُهُ في الظُلمَةِ السائِدَه
حَفيفُهُ قالَ اِذكُري دَمعَهُ … في كُلَّ لَيلٍ مَرَّةً واحِدَه