تسليت حتى أنسي الهائم الهما – ابن دارج القسطلي
تسليت حتى أنسي الهائم الهما … وأغنيت حتى أعدم المعدم العدما
وإلا فكيف اغتالت القطب والسها … وعارضت الجوزاء واعتامت النجما
وكيف ابتغت للسقم عندك موضعا … وأنت الذي يشفي الإله به السقما
وكم رعتها بالسيف في كل بلدة … فإن أقدمت يوما ففي بسطك السلما
ألا أقدمت في حومة الموت والردى … تطارده حمرا وتبهره قدما
وهلا وأبصار الكماة شواخص … وبيض الظبى تحمى وسمر القنا تدمى
وما كانت الحمى بأول كاشح … سعى لك بالبؤسى فجازيته النعمى
فأوليتها الصبر اللجوج إلى العدى … وعرفتها الصبر الخروح من الغمى
ومن قبل ما أوسعتها صدر صافح … ونفسا يلذ المسك أنفاسها شما
فإن جددت في بعدها لك صحة … فمن بعد أن زودتها الطيب والحلما
وإن تلق جسما بعد جسمك في الورى … وكيف بها أن ترتضي بعده جسما
فقد أهدت البشرى إليه وأفرغت … عليه السرور المحض والكرم الجما
وما نقصت منك الليالي فعود … عليك به إلا الخطيئة والإثما
وعد ذبول الروض يرجى له الحيا … وعند محاق البدر يستقبل التما
ومن يصل نار الحرب في جاحم الوغى … فلا غرو أن يحصى حشاه وأن يحمى
ولا عجب من وهب جسم تعاورت … قواه الحصون الصم والمدن الشما
فبسطة باع جازت الوهم والمدى … ورحب ذراع حازت العرب والعجما
فإن يبق من شكواك باق فهذه … تمائمك اللاتي شفيت بها قدما
خيولا كساها الجو نورا فأقدمت … محجلة غرا وإن نتجت دهما
وبيضا تشكت من شكاتك وحشة … بما أنست حتى قرنت بها العزما
وسمرا كأن الليل لما سريته … كسا كل لدن من كواكبه نجما
وكل غريق في الحديد كأنما … تسربل من غزل الغزالة واعتما
تهاوت به الهواء حتى أممته … إلى طاعة الرحمن فانقاد وائتما
فلم يدر إلا ظل ملكك موطنا … ولا والدا إلا لديك ولا أما
ويا ذا الرياسات افتتح فقد انجلت … فواتحك اللاتي ضمن لك الحتما
ويا منذر الرايات والسابحات قم … فأنذر عداك الذل والخزي والرغما
ونادت بك الدنيا أبا الحكم احتكم … بحول الذي ألقى إلى يدك الحكما
وأوف على العلياء واستوف أنعما … حباك الذي يحبو بأجزلها قسما