تبّاً لكِ – أديب كمال الدين

(1)

أيتها النون

عذّبني جسدك

قادتني عيناكِ من صحراء إلى صحراء

ومن غيمة خضراء إلى غيمة حروف

وقادني نهداكِ إلى آسيا الطغاة

وهلاكِ الروح في كأس الخمرة

قطعةً قطعة.

أما بطنك

فكان تعويذة ضد المعنى

وضد الخرافة

وضد النعومة.

أيتها النون

عذّبني جسدك

لأنّ أدغالكِ هي أدغال الأفعى التي أبكت كلكامش

إذ سرقت منه سرَّ الخلود.

(2)

أيتها النون

اعذريني

فعذابكِ خلاصة لعذاب الطغاة

ولهوس الغجر والمخنثين

ولرعب سيوف الغدر

وللرؤوس المرفوعة فوق الرماح،

خلاصة لمطر الأطفال الرعاة

ولتغريدة العندليب الوحيد

عذابكِ خلاصة للسذاجةِ والسخف

ولصيحاتِ الجسد

ورغباته التي قادتني كأعمى

من منفى إلى منفى

ومن جحيم إلى جحيم.

(3)

أيتها النون

اعذريني لأنّكِ حرف كامل

الداخل فيه هالك

والخارج منه هالك

والمتبرئ منه هالك.

إذن، أجيبي على سؤالي الطفل:

كيف الخلاص منكِ

وأنتِ الحلم والسرير

وأنتِ التاج والذهب

وأنتِ اللؤلؤ والمرجان

وأنتِ العري: عري النقطة

وأنتِ العري: عري اللذة حتّى الموت؟

(4)

أيتها النون: اللعنة عليك

كيف لي أن أدخل معبدك

وأخرج منه برأس ٍ لم يُقْطع

وأطرافٍ كاملةٍ وعقلٍ غير ذاهل؟

بل كيف احتفظتُ

وأنا خادمُ معبدكِ الذليل

وكاهنكِ المجنون

وساحركِ الهرطيق

برأسي فوق كتفي لأربعين عاماً،

وأنا أنتقّل فيكِ وبكِ ومنك

من قوسكِ حتّى نقطتك

من عريكِ اليومي الفادح

إلى حبيائيل وغدرائيل

إلى رعدائيل وأدبيائيل

إلى قمعائيل وغربائيل

إلى خسرائيل وموتائيل؟

(5)

أيتها النون

ياصاحبة الجسد الفادح

والقهر التتري،

الفرعوني،

الجنكيزي،

الآشوري،

الأسطوري

يا صاحبة القهر الأبدي

سحقاً لكِ سحقاً

تبّاً لكِ تبّاً