تبلج عن إشراق غرتك الصبح – ابن دارج القسطلي
تبلج عن إشراق غرتك الصبح … وأسفر عن إقدامك النصر والفتح
وقرت عيون المسلمين بأوبة … مصادرها عز وموردها نجح
كأن شعاع الشمس من نور هديها … وعرف نسيم الروض من طيبها نفح
ضربت بحزب الله في الأرض مقدما … إلى متجر جنات عدن له ربح
فضعضعت تيجان الضلال بوقعة … على الشرك لا يؤسى لها أبدا جرح
ورويت من ماء الجماجم والطلى … متون جياد شفها الظمأ الترح
بوارق ما أومضن عنك لناكث … فأخلف من سقيا دم ديمة تسحو
صفائح أعداها سناك فأشرقت … ولم يعدهن العفو منك ولا الصفح
وزرقا تعالى للعداة كأنما … تطاير من زند المنون لها قدح
هواد إذا جلين عنك لناكث … فحتم المنايا من لواحظها لمح
وسابحة في البر والبحر لم يزل … ببسأك في بحر الدماء لها سبح
إذا جمجمت يوما بها منك صولة … إلى الشرك لم يملك أعنتها الكبح
رفعت برايات الهدى من صدورها … هوادي أدنى شأوها الشد والضبح
فما حملت خطبا إلى دار خالع … وإن عز إلا كان أيسره الفدح
ولا وطئت للكفر أرضا وإن نأى … بها الغول إلا مسها منهم قرح
فكم روعت للغي في عقر داره … حمى لم يرع من قبلهن له سرح
بكل حمي الأنف دونك لم يخم … به ساعد عبل ولا صارم شبح
تحلوا فناطوا بالعواتق في الوغى … جيوبا كراما حشوهن لك النصح
وكم طردوا من تحت غيل وغابة … إليك أسودا ما يمل لها ذبح
وسرب مها أخلى الهياج خدودها … فأسفر عن أحداقها الضال والطلح
لواه عن الأكفاء عزا وإن تقل … لها بالقنا الخطي خطب تقل نكح
تركن عميد الشرك ما بين جفنه … وبين غرار النوم عهد ولا صلح
يلوذ بشم الراسيات وسحره … من الطود شعب للمخاتل أو سفح
وما كر إلا نادبا لمعاهد … لك الفرح الباقي بها وله الترح
ويا رب علق لم يسسه موفق … فوفره جود وبدده شح
تركت لعينيه مقاصر عزه … وأحسن ما حليت أوجهها القبح
وأوطأت أيدي الخيل بيضة ملكه … فأقلعن لا قيض هناك ولا مح
وإن حمت الآجال بعض حماته … فإنك في أعجاز ليلهم صبح
وأنت ركزت الملك في الأرض مثلما … يثبت فيها ذو الجلال وما يمحو
لقد كدحوا نكثا لعهدك منهم … فخيب ذاك السعي وانقلب الكدح
وأمسوا وأوضحوا موجفين ببغيهم … إلى نقم أمسوا لهن ولم يضحوا
موارد لا مرعى السيوف بعقرها … جديب ولا شرب الرماح بها نشح
سريت لهم بالخيل في ظل غيهب … من الليل ما يطوى عليك له كشح
تقابل فيه البدر والبدر والقنا … وزهر نجوم الليل والجنح والجنح
وسبطان من أملاك يعرب أقدما … بأجنادها كالنجم يقدمه النطح
سراجان للإسلام ما طلعا معا … على الخطب إلا بشر اليمن والنجح
فهذا حسام في يد الملك قاضب … رسوب وهذا في يمين الهدى رمح
هو الحاجب المحتل من رتب العلا … بحيث تناهى الفخر والحمد والمدح
وأنفس نفس في الورى غير أنه … إذا لقي الأعداء فهو بها سمح
وصنو علاه ناصر الدولة الذي … يفوز له في كل مكرمة قدح
فتلك الربى من بنبلونة والحمى … من الراح مسود بأرجائه الصبح
وبيعة شنت اقروج أوريت فوقها … سنا لهب فيه لعميائها شرح
وكان لها الفصح الأجل فأصبحت … لنارك فصحا مالها بعده فصح
فلله عينا من رأى بك صرحها … ومن جاحم النيران في سمكه صرح
رفعت من الصلبان في عرصاتها … وقودا له في وجه رومية لفح
وفجرت فيها من دماء حماتها … بحورا لها في تاج ملكهم نضح
وأشرعت في أرجائها كل ثاقب … له في شغاف القلب من قيصر جرح
طوالع من آفاق جيش كأنه … بخرق الملا كسف من الليل أو جنح
يضل مدى الأبصار في جنباته … ويحسر عن غاياته الريح والضح
فجوزيت عن سعي البلاد بأنعم … ذخائرها فوز وعاجلها فتح
ووفيت أجر الصابرين مضاعفا … من الدين والدنيا لك المن والمنح
ومليت شهرا للصيام نسكته … بأشفاع غزو دأبها الضرب والكفح
ولا زال عز النصر والفتح عامدا … لآية ما ينوي وآية ما ينحو
كلمات: ابراهيم ناجي
ألحان: رياض السنباطي