بوَّأتُ رحلي في المرادِ المقبلِ – أبو تمام
بوَّأتُ رحلي في المرادِ المقبلِ … فرَتَعْتُ في إثر الغَمامِ المُسبَلِ
منْ مبلغٌ أفناءَ يَعْربَ كلَّها … إني ابتنيتُ الجار قبل المنزلِ
وأَخَذتُ بالطولِ الذي لم يَنْصَرِمْ … ثِنْيَاهُ والعَقْدِ الذي لَمْ يُحْلَلِ
هَتَك الظَلامَ أبو الوليدِ بغُرَّة ٍ … فتحتْ لنا بابَ الرجاء المقفلِ
بأتمَّ من قمرِ السماءِ وإن بدا … بَدْراً وأحسنَ في العُيونِ وأَجمَلِ
وأجلَّ منْ قُسٍّ إذا استنطقتهُ … رَأْياً وأَلْطَفَ في الأُمُورِ وأَجْزَلِ
شَرْخٌ منِ الشَرَفِ المُنِيفِ يَهُزُّه … هزَّ الصفيحة ِ شرْخُ عمْرٍ مُقبلِ
فاسلَمْ لجدَّة ِ سؤْددٍ مُستقبلٍ … أنفٍ وبُردِ شبيبة ٍ مُستقبَلِ
كمْ أدَّتْ الأيامُ من حَدَثٍ كَفَتْ … أيامُهُ حدثَ الزمانِ المعضِلِ
لِلمَحمَلِ يَكْشِفُهُ ولَمْ يَبْعَلْ بِهِ … والثقلُ يحملُه وليس بمُثقلِ
والخَطْبُ أُمَّتْ منكَ أُمُّ دِماغِهِ … بالقُلَّبِ الماضي الجِنانِ الحُوَّل
ومَقامَة ٍ نَبْلُ الكَلامِ سِلاحُها … للقولِ فيها غمرة ٌ لا تنجلي
قَوْلٌ تَظِلُّ مُيُونُهُ مُنْهَلَّة ً … سَمَّيْنَ بينَ مُقْشَّبِ ومُثَمَّلِ
فرَّجْتَ ظلمتها بخطبة ِ فيصلٍ … مثلٌ لها في الروعِ طعنة ُ فيصلِ
جمعتْ لنا فرقُ الأماني منكمُ … بِأَبَرَّ مِنْ رُوحِ الحَياة ِ وأَوصَلِ
فَصَنِيعَة ٌ في يومها وصَنِيعَة ٌ … قدْ أحولَتْ وصنيعة ٌ لم تُحْولِ
كالمُزنِ منْ ماضي الربابِ ومُقبلٍ … مُنْتَظَّرٍ ومُخَيم مُتَهلِلِ
لي حرمة ٌ والتْ عليَّ سجالكُمْ … والماءُ رزقُ جمامِه للأولِ
إِنْ يَعْجُبِ الأَقْوامُ أَني عِندُكمْ … والمَاءُ دُونَ ذِي رَحِمٍ بها مُتَوَسلِ
فبنو أمية الفرزدقُ صنوهُم … نَسَباً وكانَ وِدَادهُم في الأَخطَلِ