الغريب – جمال مرسي
و غريبٍ في ظلمةِ الليل يشكو … ما دهاهُ من وحدةٍ واغترابِ
لاحَ للعينِ مشرقاً و منيراً … وهْوَ يشكو من صخرِهِ و الهضابِ
تَحسَبُ الأرضُ أنهُ في عُلاهُ … قد نأى عن مخالبٍ و ذئابِ
و عيونٍ ترنو بنظرةِ حقدٍ … و أيادٍ تُلقي سهامَ عتابِ
قلتُ يا بدرُ .. و المناجاةُ تحلو .. … و دموعي تكاد تفضح ما بي:
لم تزل مُلهمَ الأديبِ فنوناً … و معينَ الساري و حارس بابي
لم تبُحْ يوماً مُذ خُلِقْتَ بِسِرٍّ … قلتُهُ في ملالتي و اكتئابي
ترمقُ الأرض شامخاً ، لا تُبالي … عاشَ هذا ، أو راحَ ذا في الترابِ
تختفي أحياناً ، و تطلعُ أخرى … سائلاً عن أحوالنا في الغيابِ
فترانا من حزننا في وجومٍ … قد غرقنا في حَيرةٍ و اضطرابِ
نحنُ أهلُ الأرضِ المساكينُ عشنا … في صراعٍ ، كأنَّنا أهلُ غابِ
ينهشُ القادرُ الضعيفَ جهاراً … ويُريقُ الدِّما بكأسِ الشرابِ
أيها البدرُ أنت أحسنُ حالاً … من بني الأرض رغم كلِّ الصِّعابِ
فاحمدِ اللهَ أن خُلِقْتَ أنيقاً … و فتيّاً في عُنفوانِ الشبابِ
مُشرقاً في السما ، و لم تكُ إنساً … ذا نُيوبٍ قواطعٍ و حِرابِ
نظر البدرُ مُشفقاً ، و توارى … صامتاً في العلياءِ خَلفَ سحابِ
غابَ ، والقلبُ لم يزل يتلظى … من شقاءٍ في غربتي و عذابِ