الشاعر – سيف الرحبي

الى داليا .. بعد سنين ومجازر

أرضٌ وسماءٌ

سماءٌ وأرضٌ من الضحايا

تضطربان تحت أنامله.

يجلس الشاعر في ركن المقهى

يقذف جملته المرتبكة في مدلهمّ الليالي.

كانت الحربُ قد بدأت في رأسه

وامتدّت الى هشيم العالم.

يحدّق في فنجان القهوة بتلاله الداكنة. أحلام ذئاب تندفع نحو طرائدها المتـْرَفة

وعول تعشق ضوء القمر

بحّـارةٌ يعبرون المحيط الهنديّ

مدفوعين بالرياح الموسميّـة

نحو ممباسا

حيث أقام العُـمانيّـون ممالكهم البهيجة.

وهناك أيضاً كواكب أخرى تلمع في ليل المخيّلة:

نخلة ترتجف تحت ضلع الفيضان

فأسٌ نسيَها حطابٌ في أزمنة بعيدة،

زهرة تركها العاشق قبل رحيله.

البراكين التي تجاور أنهار الجليد في إيسلندا

وقوس قزح البلدات وقد اضمحلت بسكانها قبل قليل.

يرمق طرف فنجانه

يرى المصائرَ تتداعى كسفنٍ تقتربُ

من جبلها المغناطيسي.

ينظر الى الفنجان الذي اختفي

وربما استحال الى جملة شعريّة

تجــــدّف في ليل النسيان.

مســـاء جنائزي

في ضياء المساء

في بهو البحر الفسيح

في الفراغ الفاغر شدقيه كهاويةٍ في مضيق..

يتحوّل الفضاء المحتدم بالهوام والأسلاف.

غابة صياح وعويل.

الغربان تسبح في اصفرار المغيب

مالك الحزين يمد عنقه نحو سماء الرحمة،

وحيدا يحمل عشّــه المتناثر

من جزيرة الى أخرى

على مفارق بحار مهجورة.

الحمام والزيزان تغرق في صمت كئيب.

وهناك طيور أخرى تولول

كاتمةً صرخة الرحيل.

الفضاء بكامله يتمدّدُ

كجنازة تسيّجها الجبال

مشيّعوها طيور قذفتها الصدفةُ

وضيق الحال.

وحده الموج أطلق المساء سراحه

مزمجراً في الكهوف الغائرة

كنيرانٍ مضطرمة