التاريخ السري للجدار العتيق – عبدالله البردوني

يريد أن ينهار هذا الجدار … كي ينتهي ، من خيفة الانهيار

يريد لكن ، ينثني فجأة … عن رأية ، يحسو حليب الغبار

يهمّ أن يرثي ، جدارا هوى … يراه فورا ، صار ألفين دار

عجيبة يا ريح … ماذا جرى ؟ … تشابه الميلاد ، والانتحار

أختار هذا ما ترى … من رأى … قلبي ركاما ؟ أحسن الاختيار

الانفجار المبتدي ـ عادة ـ … يعطي رمادا ، قد تسميه نار

ألم تجرب ؟ كلّهم جرّبوا … منهى التردي ، أوّل الانفجار

يرتدّ مدهوشا ، إلى جلده … كهارب يخشى ، سقوط الإزار

كحقل دود ، وسط رمّانة … كثوب لصّ ، خارج من حصار

يبدو كإنسان ، لأشواقه … روائح الملهى ، وشكل القطار

عليه جلد ورقيّ له … عشرون قرنا ، تقبل الاعتصار

كمدّع ، ـ موطنه عنده … على قميص العيد ـ، أحلى زرار

أنا هنا ، أعلى الربى قامة … يداي لا تلقى اليمين اليسار

بل ليس لي كفّ لسيف ، أما … سنان (عمرو) ذاك أمضى الشّفار

في لحية (المريخ) ، لي مكتب … نهد (الثريا) فوق بابي شعار

لكنني كالسهل ، لا سور لي … مفتّح لفتح ، والإنجرار

تصوّروا ، يوم اعتدا جيرتي … أنعلت وجهي ، خيل حسن الجوار

أهوى التساوي ، قاطعا كلّ من … يبدو طويلا ، كي يساوي القصار

يوم اشتكت قمع الحمار ابني … أنصفت ، البست البنين الحمار

وها هنا ينهي ، لكي يبتدي … قصّ عن أصدائه ، باختصار

يقعي كجديين ، عادا بلا … نصر يبولان ، دم الانتصار

يشتاق لو يعدو ، كسيارة … لو يحمل البحر ، كإحدى الجرار

لو وجهه نعلا حصانين ، لو … ساقاه (مبغا) في قميص النهار

لو تصبح الأبحار بيدا ، ولو … عواصم الأصقاع ، تمسي بحار

يطير لكن ، يرتئي نعله … ترقيع رجليه ، بماء الوقار

لا شيء غير النعل ، جذر له … يلهي بهذا القشّ ، ريح القرار

هل متّ ؟ يبدو متّ ، لا إنها … دعاية ، زيف ، دخان مثار

(مسرور) تدري كيف اسكانهم … لا تبق حيا ، صدقت (جلّنار)

تسدّ باب الريح ، كي لا ترى … إني دخان ، من رؤى (شهريار)

الشعب ، داء الشعب تقتليه … أشفى ، ليبقى الأمن ، والازدهار

يهون حقد (الشمر) يا (كربلا) … لو لم يكن في كفّه (ذو القفار)

ماذا ؟ أتدعو حكمتي فرصة … للغزو ؟ قل : صححت بدء المسار

كيف ألاقي جبهة خاجي … وفي قذالي ، جبهة من شرار

لا لم أمت جدا ، أما رايتي … خفّاقة ، فوق ظهور الفرار

حوافر المحتلّ ، في شاربي … لكنني أشبعت ، منه الدمار

لأنني جزّأته … نصفه … سيفي ، ونصف داخلي مستشار

وها هنا ينهي ، يرى وجهه … من منكبيه ، في مرايا الفخار

غنّي (أليزا) (جوليان) اخلعي … عباءتي ، ساقي أدرها ، أدار

يودّ لو ما بين فخذيه … إحدى يديه ، خاتما أو سوار

جريدة ، أخبارها عن حصى … ينمو ، وعن (ديك) تعشّى (حمار)

رواية ، أبطالها عوسج … يمشي ، وأطيار تبيع المحار

رأسي سوى رأسي الذي كان لي … يا سادتي بيني ، وبيني قفار

بيني وبيني ، من يسمّى أنا … فوق الأنا الثاني ، أنا المستعار

وها هنا يصغي … أقلت الذي … أعني ؟ وهل أعني ؟ هنا الابتكار

يودّ لو كفّاه ، أشهى صدى … لمعزف ، لو مقلتاه (هزار)

لو قلبه منديل ، _عرّافة) … لو أنفه ، مروحة الانتظار

يريد ما ليس يعي ، يبتدي … يعي وقد فات ، أوان البذار

الموسم الوهميّ ، لأغني المنى … يعطي ـ قبيل الحرث ـ وهم الثمار

ماذا أنا ؟ شيء مسيخ بلا … عرق ، بلا شيء ، يسمّى إطار

قد كان ينمو الطفل ، واليوم لا … ينمو صغير ، كي يطول الكبار

يعود ينهي الكأس ، من بدئها … فيبتدي قبل الشراب الحمار

هل كنت أحكي ؟ مطلقا … من حكى … في داخلي كان ينام الحوار

يريد أن ينهار ، خضر الضّحى … والليل كي ينهار ، هذا الجدار