إنّي طَرِبتُ إلى شمسٍ إذا طلَعَتْ – أبو الفضل بن الأحنف
إنّي طَرِبتُ إلى شمسٍ إذا طلَعَتْ … كانَتْ مشارقُها جوفَ المقاصيرِ
شَمسٌ مُمَثَّلَة ٌ في خَلْقِ جارية ٍ … كأنّما كَشحُها طيُّ الطَّوامِيرِ
ليسَتْ من الإنسٍ إلا في مناسبة ٍ … ولا منَ الجِنّ إلا في التّصاويرِ
فالجسمُ من لؤلؤٍ والشّعرُ من ظُلمٍ … والنَّشرُ من مِسكة ٍ والوَجهُ من نورِ
إنّ الجَمالَ حَبَا فَوْزاً بخِلعتِه … حذواً بحَذوٍ وأصْفَاها بتحويرِ
كأنّها حينَ تَمشي في وصائفِها … تخطو على البَيْض أو خُضْرِ القواريرِ
أُنْبِئْتُها صرَخَتْ لمّا رأتْ أسداً … في خَاتَمٍ صوّرُوه أيَّ تَصويرِ
يا صاحبيّ إلى رؤياي فاتَمِعا … إني رأيتُ لدى ضَوء التّباشيرِ
كأنّ فَوزاً تُعاطيني على فَرَسٍ … إكليلَ رَيحَانِ فغْوٍ كالدّنانيرِ
الحَمدُ لله هذَا إنّها جَعَلتْ … في راَحَتي أمرَها يا حُسْنَ تعبِيري
إني لمُنْتَظِرٌ رُؤياي ذَا أمَلٍ … والحُكْمُ يأتي بتَقديمٍ وتأخيرِ
طُوبَى لعينٍ رأتْ فوْزاً إذا اغتمضَتْ … وقرّتِ العَينُ مِنها كلَّ تَقريرِ
لا تهجُرنيني على نا بي بعيشِكُمُ … إنّي لتَرحَمُ نفسي كلَّ مَهجورِ
إنّي أراني وإخواني قد اجْتَمَعُوا … في مجلسٍ بأعالي الكَرْخِ مَحضورِ
بكيتُ من طَربٍ عندَ السَّماعِ كما … يبكي أخو غُصَصٍ من حُسن تذكيرِ
وصاحبُ العِشقِ يبكي عند سكرته … إذا تجاوبَ صَوتُ البَمّ والزّيرِ
يا فوزُ يفديكِ خَلقُ اللّهِ كلّهُمُ … طوعاً وكُرهاً على صُغرٍ وتَصغيرِ
يا فوزُ لولاكِ لمْ أنفكّ من طرَبٍ … آوي إلى آنساتٍ كالدّمى حُورِ
يا فوزُ أهلُكِ لاموني فقلتُ لهم … أدّوا فؤادي أدعْكمْ غيرَ مزجورِ
الله يعلَمُ أني ناصحٌ لكُمُ … جُهدي ولكنّ سعيي غيرُ مَشكورِ
لا يُبعدِ الله غيري حين قُدتُ لَكُمْ … نفسي وبِعتُكُمُ صَفوي بِتكديري
يا أهلَ فوزٍ أما لي عندكُمْ فَرَجٌ … ويْلي ولا راحة ٌ من طُولِ تَعزيري
يا أهلَ فوزَ ادفنوني وهي جامِحة ٌ … حَتّى إذا يَئسوا قالوا لها سِيري
من افضل ما أنتجته اللغه العربيه.