إسراء – بهيجة مصري إدلبي

من لي إذا الداءُ مني بي سرى الداءُ … وهمَّ بالقلب عشقٌ فيه إغواءُ

أخفيتَ بي ما سرى بالغيب فانكشفتْ … نوافذ الروح لي والكشفُ إخفاءُ

كأنما أسطر ما خطها قلمٌ … فاضت من اللوح والألواح خرساءُ

ترف في مهجتي أسرار حيرتها … في حيرة البوح للأسرار إدلاءُ

حملتُ ما لو بدا للناس حلَّ بهم … من الصبابة أشياءٌ وأشياءُ

فالعشق إن شاء يخفي سر نشوته … والسر لا ينجلي كشفا لمن شاؤوا

نفنى كما النهر يفنى في عذوبته … إن الفناء به فيض وإفضاءُ

حملته فارتدت روحي مسافتها … وغبت عني وما للروح ميناءُ

حلَّ الهوى في دمي سرا ليقتلني … فحلَّ لي منه بعد القتل إحياءُ

ياغائبا قد بدا في غيبه شغفي … وفي الخفاء مرايا غبَّها الماءُ

وما بدا من هوىً مني بلا صفة … فاق الذي قد بدا والروح عمياءُ

نزلت في منزل حفته عتمته … والعتم في معجم الأرواح إبداءُ

فماد بي شغفي حين استوى بصري … ورحت أبصر والأشياء أسماءُ

حارت بكَ الروح والأشواق منزلة … فضمَّها للرؤى في الليل إسراءُ

كأنني والمدى حرف أذوب به … والوجد من نوره وحي وإيماءُ

أطاوع الشوق يعمى حين أبصره … وتنطوي في مدار الروح آلاءُ

فحل بي كيف لي والشوق بددني … والكون أشرق بي والريح إصغاءُ

في القرب يمنحني بعدا يقربني … والبعد في العشق إدناء وإغراءُ

ورددت أضلعي والحال في وله … ما قض صحوتها والصمت إعياءُ

مشتاقة فاضت الأشواق من ولهي … وفجوة الآه في الأعماق ظلماءُ

وذلني ولهي فيمن ولهتُ به … ” إن الأعزا إذا اشتاقوا أذلاءُ”